للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه) (١). فكيف نجعل من اجتالته الشياطين وأفسدته تربية الأبوين، ومن بقي على الفطرة النقية سواء؟!.?

ومع وضوح دلالة هذه المسألة من الكتاب والسنة الصحيحة؛ نجد الآمدي يقول: «إن العلم برسالة الرسول، والقول بتصديقه يتوقف على معرفة وجود المُرسِل وصفاته، وما يجوز عليه وما لا يجوز بتوسط الحادثات والكائنات والممكنات، وذلك كله ليس هو مما يقع بديهةً، فإنه لو خلّي الإنسان ودواعي نفسه في مبدأ نشوئه من غير التفات إلى أمرٍ آخر لم يحصل له العلم بشيءٍ من ذلك أصلًا (٢).

وهذا الرد الصريح للنصوص الواردة في الفطرة وغيرها، ليس غريبًا إذا عرفنا قاعدة الأشاعرة العامة في موقفهم من العقل والنقل على النحو المبين في الفصل الخاص بذلك.

ولهذا فكل من قال: (أفرغ ذهني من كل الاعتقادات ثم أبحث عن الحقيقة حتى أجدها) كما وقع من الغزالي، والرازي، والجويني، وأضرابهم، فلا شك في ضلال طريقته حتى وإن أوصله بحثه إلى الحق في النهاية.

وقد يكون فلاسفة أوربا الذين سلكوا هذه الطريقة مثل (ديكارت) و (هيوم) معذورين في هذا التفريغ؛ لأنهم فرغوا أذهانهم من خرافات


(١) أخرجه البخاري (١٣٥٩)، ومسلم (٢٦٥٨).
(٢) غاية المرام (ص٣٢٣)، وكذا في (ص١٨).

<<  <   >  >>