للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي أيضًا شرعية سمعية باعتبار أن السمع دل عليها وأرشد إليها، وأن الشرع أحبّها ودعا إليها» (١). وقال: «فالآيات التي يريها الناس حتى يعلموا أن القرآن حقٌّ هي آياتٌ عقليةٌ، يستدل بها العقل على أن القرآن حقٌّ، وهي شرعية دلّ الشرع عليها وأمر بها، والقرآن مملوءٌ من ذكر الآيات العقلية التي يستدل بها العقل، وهي شرعيةٌ لأن الشرع أرشد إليها، ولكن كثيرًا من الناس لا يسمي دليلًا شرعيًّا إلا ما دلّ بمجرد خبر الرسول، وهو اصطلاحٌ قاصرٌ» (٢).

فلو قال قائل: «إن كل ما يثبته أهل السنة والجماعة من العقائد ثابتٌ بالنص» لكان صادقًا، ولو قال آخر: «إن كل ما يثبته أهل السنة والجماعة من العقائد يثبته العقل» لكان صادقًا أيضًا، وليس هذا متحققًا في أي فرقة من الفرق الأخرى إطلاقًا.

أما الشيء الممتنع في عقيدة السلف فهو أن يكون هنالك أصلٌ من أصول العقائد يستقل العقل بإدراكه وإثباته، وهذا من أهم وأبرز الفوارق المنهجية بينهم وبين الأشاعرة.

وليس في إمكاننا تفصيل مهمة العقل ومجاله الذي أتاحه له المنهج القرآني في هذه العجالة، وحسبنا أن نشير إلى حقيقةٍ واحدةٍ فقط هي: أن هذا العقل قد فتح الله تعالى أمامه ثلاثة كتب متطابقة


(١) (٥/ ٤٩) المطبوعة مع الفتاوى الكبرى، ومثله عن الاستدلال على صحة النبوة في تعارض العقل والنقل (٧/ ٣٠٢).
(٢) النبوات (ص١٤٥ - ١٤٨).

<<  <   >  >>