ورحم الله ابن القيم فقد جعل هذا القانون هو الطاغوت الثاني، وكسره بأكثر من أربعين وجهًا مقتبسًا من كلام شيخ الإسلام (١)، وبيَّن أن تأصيل هذا الأصل الطاغوتي هو مفرق الطريق بين أهل السنة والجماعة وبين الأشاعرة، وأن حال الأشاعرة في هذا يشبه تمامًا حال المنافقين الذين دعوا إلى حكم الله ورسوله فرفضوه، وأرادوا التحاكم إلى الطاغوت، فلما ضُبطوا أقسموا أنهم ما قصدوا إلا الإحسان والتوفيق، والأشاعرة يزعمون أن هذا منهم إحسانٌ وتوفيقٌ بين العقل والنقل.
قال رحمه الله في نونيته المشهورة:(وقد آثرت نقلها لاشتمالها على موجز مذهب السلف أيضًا):
يا قوم تدرون العداوة بيننا من أجل ماذا في قديم زمان
إنا تحيزنا إلى القرآن والـ نقل الصحيح مفسر القرآن
وكذا إلى العقل الصريح وفطرة الرحمن قبل تغير الإنسان
هي أربع متلازمات بعضها قد صدقت بعضًا على ميزان
والله ما اجتمعت لديكم هذه أبدًا كما أقررتمُ بلسان
إذ قلتم العقل الصحيح يعارض الـ منقول من أثرٍ ومن قرآن
فنقدم المعقول ثم نصرف الـ منقول بالتأويل ذي الألوان
فإذا عجزنا عنه ألغينا ولم نعبأ به قصدًا إلى الإحسان
(١) انظر (الطاغوت الثاني) وهو يثمل النصف الثاني تقريبا من الجزء الأول من الصواعق المرسلة.