بل كثيرًا ما يجتزئون اللفظة الواحدة دون النظر لموقعها من مدلول الآية نفسها.
(٣) - بعد هذا يأتون بتلك الجملة أو اللفظة المفصولة المجردة، فيطبقون عليها قواعد أو قوالب اصطلاحية كان للمعتزلة أنفسهم اليد الطولى في تقريرها، كقواعد علوم البلاغة (١) مثلًا.
فإذا وضعنا في الاعتبار سعة اللغة العربية؛ ظهر أنه يمكن بالنظر إلى الألفاظ وحدها دون اعتبارٍ لمقاصد المتكلم، أو القرائن الظاهرة أن تقبل الجملة أو اللفظة أكثر من احتمال.
ومهما قيل:(إن بعض الاحتمالات أقوى من بعض)؛ فإن مجرد قبول الاحتمال - لا سيما عندما يكون التعسف والتشهي هو الأصل - يكفي وحده في الحكم على مدلول النص بأنه ظني!!.
٤ - بعد تقرير الحكم بأن النص ظني، يحاكمونه - ون كان محكمًا في الأصل - إلى نصٍ متشابه، أي عكس المنهج السلفي، وليس مرادهم التحاكم إلى النصوص؛ ولكن لأن بعض احتمالات المتشابه تتفق مع مقرراتهم وأصولهم العقلية التي قررت وأصِّلت سلفًا وفق منهج بعيد كل البعد عن النصوص. (٥) - فلمَّا دعموا دلالة المتشابه - بعد إخضاع المحكم لها - بالقاعدة العقلية، أوهموا الناس أنهم وفقوا بين العقل والنقل، وجعلوا من
(١) المعتزلة أخطأوا في التأصيل، ثم أخطأوا أبعد من ذلك في التطبيق، أما القواعد الصحيحة المطبقة في موضعها الصحيح فلا اعتراض عليها.