للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثالث: ما عداهما (أي ما يمكن إثباته بالعقل، ولا يتوقف عليه النقل) نحو الحدوث ...».

ومعنى هذا التقسيم بجلاء: هو أن نصيب الوحي لا يعدو القضايا المجردة التي يتخلى عنها العقل - لا تفضلًا منه، ولكن - لأنها مما لا يترتب على ثبوته وانتفائه شيءٌ، ويستحيل العلم عنها من طريقه كما في مثال الخراب، ولكنهم لا يقفون عند هذا الحد - من حصر دائرة الوحي -؛ بل يتعدونه إلى البحث في مدى إفادة نصوص الوحي، أهي توصل إلى اليقين في هذه الدائرة، كما توصل الأدلة العقلية إليه في مجالها، أم أن غاية ما تفيده هو الظن؟.

يقول المؤلف نفسه بعد ذكر الأقسام الثلاثة المنقولة آنفًا: «الدلائل النقلية هل تفيد اليقين؟. قيل: لا؛ لتوقفه على العلم بالوضع والإرادة.

والأول (العلم بالوضع) إنما يثبت بنقل اللغة والنحو والصرف، وأصولها تثبت برواية الآحاد، وفروعها بالأقيسة، وكلامها ظنيان (١).

والثاني (الإرادة) يتوقف على عدم النقل والاشتراك، والمجاز والإضمار، والتخصيص والتقديم والتأخير، والكل لجوازه بانتفائه، بل غايته الظن» (٢).


(١) ما رأي أساتذة اللغة العربية الأفاضل في هذا الكلام؟!.
(٢) لأن المخبر عن الغراب - كما في مثاله - مع إيماننا بصدقه وسلامة بصره قد يكون في أصل وضع لغته تسمية الأسد غرابًا، وقد يكون هو أراد الأسد وعبَّر عنه بالغراب مجازًا، ولذلك فكلامه لا يفيد اليقين، وهكذا عندهم نصوص الوحي؛ لا سيما آيات وأحاديث الصفات.

<<  <   >  >>