غير المعقول أن يردوا الأحاديث الصحيحة ردًّا مباشرًا كما يفعل المعتزلة، فضلًا عن نصوص القرآن.
فما المخرج إذن؟!.
لعل أبرز ما يوضح هذه المشكلة هو هذا المثال الذي نقتبسه من كلمة لابن القيم، وهو وجود خليفة عادل اختلفت الرعية فيه ثلاثة أقسام:
- فقال قومٌ: لا بُدَّ من عزله والخروج عليه.
- وقال قومٌ: بل تجب طاعته ومناصرته.
- وجاء طائفةٌ ثالثةٌ أرادت التوفيق بين الفرقتين السابقتين فقالت: بل الحل أن يبقى له اسم الخلافة ورمزها، وتسحب منه شؤون الحكم وصلاحياته.
وحسب هذا المثال التقريبي وقفت الطوائف الثلاث (المعتزلة، السلف، الأشاعرة) من النصوص، وكان موقف الأشاعرة هو الثالث، أي الإبقاء على النصوص إثباتها، لكن ليس على أنها أصول تستمدّ منها الحقائق، بل على أنها آثار متحفية مقدسة، وبعبارة موجزة (الاحتفاظ بالنصِّ شكلًا مع إلغاء مفهومه حقيقة!).
وهذه هي حقيقة التأويل.
فالتأويل إذن ما هو إلا مهربٌ عقليٌّ من الالتزام بالنصوص، ووسيلةٌ ملتويةٌ للتخلص من معارضتها للعقل، ونتيجةٌ طبيعيةٌ من نتائج التوفيق الخاطئة.
والأشاعرة يفسرون جنوحهم للتأويل بالاضطرار، لا بالاختيار؛