ذلك أنهم رأوا أن الدفاع عن القرآن والإسلام في وجه الملاحدة الذين يتهمونه بالتناقض لا يمكن أن يتم إلا بتأويل بعضه ليوافق البعض الآخر المتفق مع القواطع العقلية.
وهم من هذا المنطلق يجعلون التأويل واجبًا شرعيًّا على كل مسلم.
يقول الدكتور البوطي - وتبعه عليه وهبي غاوجي وآخرون - عن وجوب تأويل آيات الصفات: «أما ترك هذه النصوص على ظاهرها دون أي تأويل لها - سواء كان إجماليًّا أو تفصيليًّا - فهو غير جائز، وهو شيءٌ لم يجنح إليه سلفٌ ولا خَلَفٌ (؟).
كيف ولو فعلتَ ذلك لحمّلتَ عقلك معانٍ متناقضة في شأن كثيرٍ من هذه الصفات، فقد أسند الله إلى نفسه العين بالإفراد في قوله تعالى:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} {[طه: (٣٩)]. وأسند مرةً أخرى إلى نفسه الأعين بالجمع فقال:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: (٤٨)]. فلو ذهبت تفسر كلًّا من الآيتين على ظاهرها دون أي تأويل لألزمت القرآن بتناقض هو منه بريء (!!).
وتقرأ قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥]. وقوله تعالى:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق: ١٦]. فإن فسرت الآيتين على ظاهرهما دون أي تأويل إجمالي ألزمت كتاب الله تعالى بالتناقض الواضح (؟).
إذ كيف يكون مستويًا على عرشه وبدون أي تأويل، ويكون في