للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوقت نفسه أقرب إليّ من حبل الوريد بدون أي تأويل (؟).

وتقرأ قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: ١٦]. وقوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: (٨٤)]. فلئن فسرتها عزم ظاهرهما أقحمت التناقض في كتاب الله جل جلاله كما هو واضح» (١).

وهذا الكلام إنما يوضّح حقيقة جهل الأشاعرة الجانحين إلى التأويل من ابن فورك حتى البوطي والصابوني، فإنه لا تناقض بين هذه الآيات على الإطلاق (٢)،

وحاشا كتاب الله الذي أنزله قولًا فصلًا وهدى


(١) كبرى اليقينيات (ص١٤٤)، وانظر: أركان الإيمان لوهبي غاوجي (ص١٩).
ومنشأ الخطأ: ظنهم أن الظاهر هو ما يتبادر من المعنى اللغوي للكلمة مطلقًا، كما إذا قرأه الأعجمي أو العامي في المعجم. فمن هنا قالوا: إن الظواهر تتناقض، أو إن الإيمان بالظاهر - كما هو مذهب السلف - تناقضٌ، وأن ترك النصوص عزم ظاهرها هو جمعٌ بين المتناقضات بلا عقل ولا تدبر.
(٢) أما قوله: {بِأَعْيُنِنَا} وقوله: {عَيْنِي} فليس بينها شائبة تناقض لكل ذي عقل، حتى أن العوام إذا طلبت من أحدهم شيئًا ما يقول تارة: من عيني، أو على عيني. وأخرى: من عيوني.

وأما استواؤه على العرش؛ فبذاته تعالى، وقربه منَّا بعلمه، كما قال قبلها وبعدها: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} [ق: ١٦ - ١٧] فهو قريبٌ بعلمه وملائكته. وأما قوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: (٨٤)] فمعناها أنه في السماء معبودٌ، وفي الأرض معبودٌ، ولا خفاء في هذا ولا إشكال.

<<  <   >  >>