ونورًا أن يشتمل في أعظم الأصول وأوضحها على تناقض يضطر معه المؤمنون إلى نقض بعضه ببعض بتعسفات وتكلفات لم تأت في كتاب الله، ولا سنة رسوله، ولا قول صحابي، ولا عالم من السلف المعتبرين.
ولكنها الأوهام الكاسدة، والأصول الفاسدة تعارض بعضه ببعض، وتختلق التناقض بين آياته المحكمات، ثم تجنح في حلها إلى الأصل الفاسد (التأويل).
هذا ولو نظرنا إلى التأويلات التي ذكرها الإيجي في المبحث السابق، لوجدنا أنها منقولة عن الجويني الذي نقلها بدوره عن ابن فورك.
أما الجويني فقد عقد في (الشامل) بابًا خاصًّا عنوانه: «باب ذكر تأويل جمل من ظواهر الكتاب والسنة».
أوَّلَ فيه ما شاء من نصوص الكتاب والسنة بعد أن قرَّرَ قبل ذلك في أكثر من (٥٠٠) صفحة عقيدته القائمة كلها على كلام الفلاسفة، ولم يذكر فيها من كلام الله ورسوله - فيما حصرت - إلا بضع آيات مجزوءة، وَرَدَ معظمها ضمن اعتراضات الخصوم، فلما عقد هذا الباب أتى على أهم آيات وأحاديث الصفات فأوَّلَهَا تأويلًا يصل أحيانًا إلى ما لايقبله عاقل من العوام (١).
(١) انظر: (ص٥٤٣ - ٥٧٠). ومما لا يقره عاقل في (ص٥٦٧) عن حديث الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم (أين الله؟ قالت: في السماء. قال: اعتقها فإنها مؤمنة). رواه مسلم وغيره. وتأويله بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سألها لأنها من عبدة الأوثان الذين يقولون بالجهة، فاستنطقها لكي تعترف بشركها، كما في سؤال الله تعالى: أين شركاني؟!!.