التاريخ قاطبة ... والتي كانت أكبر عوامل نجاح الحملات الصليبية والمغولية.
فإن قيل: وما علاقة ذلك بالأشاعرة والتأويل؟.
فالجواب:
إن هذه الفترة التي شهدت تلك الأحداث الفظيعة هي نفسها التي شهدت نشأة المذهب الأشعري وانتشاره واعتناق بعض السلاطين له.
وليست القضية قضية اقتران تاريخي فحسب، ولكن في هذه الفترة نفسها - أعني فترة ظهور المذهب الأشعري وسيطرته على الساحة الكلامية - كانت الباطنية بفروعها المختلفة - فضلًا عن الرافضة الذين اجتمعت فيهم هذه الشرور جميعها - تصنع تلك الفظائع الإجرامية في الأمة الإسلامية، ليس في الأطراف والمقاطعات فحسب؛ بل كانت بغداد نفسها ميدانًا لهذه الفتن والفظائع على النحو الذي تشهد به كتب التاريخ كلها.
وغني عن البيان أن (التأويل) هو العمود الفقري للفكر الباطني كله، فقد أوصلهم تخطيطهم التآمري الشيطاني، وتجاربهم المريرة في الأخذ بثأرات (مزدك) و (ماني) و (قريظة) و (النضير) إلى استحالة التصريح بتكذيب القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم وإبطال الإسلام جملة علانية، فلجأوا إلى هذه الوسيلة الماكرة (التأويل).
فأوَّلوا الأحكام - كالزكاة والصوم والحج وسائر الواجبات - بهدف إسقاط الفرائض كلها، وأولوا الغيبيات كالجنة والنار والملائكة والحشر ... فلم يبق من حقيقة الإسلام شيء، وأخذوا ينشرون هذه