الأشاعرة، واستخدمته من منطلق الأولى والأحرى، إذْ رأت - أو أوهمت - أن ما أولته هي أحق وأولى بالتأويل مما أولته الأشاعرة.
ولم يكن لضجيج الأشاعرة عليهم أي معنى!.
إذ كيف يحق لابن فورك أن يأتي على أحاديث الصفات واحدًا واحدًا، ويحق للجويني والرازي الإتيان على آياتها آية آية، ويعتبرون ذلك تقديمًا للقواطع العقلية اليقينية على الظواهر النصية الظنية، ويتقربون به إلى الله تنزيهًا وتعظيمًا، ويكون هذا الفعل نفسه حرامًا، بل كفرًا من الباطنية؟.
الباطنية تقول: إن قواطعنا العقلية قائمة على أن البعث لا يمكن أن يكون حسيًّا، وإنما هو روحاني، وأولوا نصوص الوحي وقالوا:«إنها ظواهر ظنية لا تعارض اليقينيات». فتصدى لهم الأشاعرة تكفيرًا وتشنيعًا، فدافعوا عن أنفسهم قائلين: على رِسْلِكم! فأنتم أولى منا بما قلتم، فإن ما يتعلق بالله أعظم شأنًا مما يتعلق بالمعاد، والنصوص في صفاته أظهر وأكثر، والدلائل عليها من المعقول والفطر أبين وأشهر، وقد حكمت قواطعكم العقلية بتأويلها، ولم تروا في ذلك كفرًا ولا ضلالًا، بل جعلتموه توحيدًا وتنزيهًا، فلماذا يا ترى تجعلون قواطعكم حقًّا وقواطعنا باطلًا، وعملنا كفرًا وعملكم توحيدًا؟!.
نعم .. قد جاء ملاحدة الباطنية فذكروهم بقانونهم الكلي قائلين: قد اتفقنا نحن وأنتم على تقديم العقل على النقل، وعليه نقول: بيننا وبينكم حاكم العقل، فإن القرآن، بل الكتب المنزلة مملوءة بذكر