للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المتهوكين أجادوا العبارة في هذا الباب، وعبّروا بعبارة لا توهم من الباطل ما أوهمته عبارة المتكلم بتلك النصوص (١)، ولا ريب عند كل عاقل أن ذلك يتضمن أنهم كانوا أعلم منه، أو أنصح للناس.

٤ - المحذور الرابع: تلاعبهم بالنصوص وانتهاك حرماتها، فلو رأيتها وهم يلوكونها بأفواههم، وقد حلت بها المثلات، وتلاعبت بها أمواج التأويلات، ونادى عليها في سوق من يزيد، فبذل كل واحد في ثمنها من التأويل ما يريد، فلو رأيتها وقد عزلت عن سلطة اليقين، وجعلت تحت حكم تأويل الجاهلين.

هذا وقد قعد النفاة على صراطها المستقيم بالدفع المصدور والأعجاز، وقالوا: لا طريق لك علينا، وإن كان لا بد فعلى سبيل المجاز، فنحن أهل المعقولات وأصحاب البراهين (٢)، وأنتِ أدلة لفظية وظواهر سمعية لا تفيد العلم ولا اليقين، فَسَنَدُكِ آحادٌ، وهو عرضة للطعن في الناقلين، وإن صح وتواتر ففهم مراد المتكلم منها موقوفٌ على انتفاء عشرة أشياء (٣) لا سبيل إلى العلم بانتفائها عند


(١) انظر إلى قول صاحب الجوهرة المشهور:
وَكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيهَا ... أَوِّلْهُ أَوْ فَوِّضْ وَرُمْ تَنْزِيهًا!!
(٢) يصرّ الأشاعرة دائمًا على أن كل قضاياهم مبرهنة. وقد سمى السنوسي عقيدته: أم البراهين!!.
(٣) راجع ما سبق نقله من المواقف، وهي: الاشتراك، والنقل، والمجاز، والعلم بالوضع، والتخصيص .. . إلخ.

<<  <   >  >>