للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الناظرين والباحثين (١).

والحق أن جناية هذا الانحراف لم تقتصر على فتح الثغرات للباطنية وحدها، بل شاركهم غيرهم، فإن الرافضة - على سقم أدلتهم وسخف مذهبهم الذين قال فيهم الشعبي: «لو كانوا من الطير لكانوا رخمًا، ولو كانوا من الدواب لكانوا حُمُرًا» (٢) - هم أيضًا قد أغراهم تهافت مذهب الأشاعرة في بعض القضايا، فتطاول شيخهم ابن المطهر الحلي صاحب (منهاج الكرامة)، فنقد أهل السنة والجماعة وعاب


(١) مختصر الصواعق: (ص (٣٣)).

وله بعد هذا كلام نفيس أحببنا إيراده هنا. قال: «فلا إله إلا الله، والله أكبر، كم هدمت هذه المعاول من معاقل الإيمان، وتثلمت بها حصون حقائق السنة والقرآن. فَكَشْفُ عورات هؤلاء، وبيان فضائحهم من أفضل الجهاد في سبيل الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت: (إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن الله ورسوله). واعلم أنه لا يستقر للعبد قدم في الإسلام حتى يعقد قلبه على أن الدين كله لله، وأن الهدى هدى الله، وأن الحق دائر مع الرسول صلى الله عليه وسلم وجودًا وعدمًا، وأنه لا مطاع سواه، ولا متبوع غيره، وأن كلام غيره يعرض على كلامه، فإن وافقه قبلناه، لا لأنه قاله، بل لأنه أخبر به عن الله تعالى ورسوله، وإن خالفه رددناه، ولا يعرض كلامه صلى الله عليه وسلم على آراء القياسيين، ولا على عقول الفلاسفة والمتكلمين، ولا أذواق المتزهدين، بل تعرض هذه كلها على ما جاء به عرض الدراهم المجهولة على أخبر الناقدين، فما حكم بصحته فهو منها المقبول، وما حكم برده فهو المردود». (ص (٣٣)).
فانظر إلى هذا الأصل ما أجله وأعظمه، وقارنه بأقوال الأشاعرة المتقدمة.
(٢) السنة لعبد الله بن أحمد (٢/ ٥٤٩).

<<  <   >  >>