الحسن بن عمر، أعزه الله تعالى إلى تقديم الأسباب الواجبة لركابنا العلي عند الاقتراب والإعلان، بما كان يسره خشية منهم من الطوع والإذعان، فعلمنا بما ظهر من مبادئ النصائح صدق ضميره في المصائر، واستقبلنا الفتح يرفل في ذيول البشائر، بعد أن كانت كتبه تناجينا بلسان خلوصه على بعد الدار، وتستحث ركابنا العلى راغبة في القدوم على حضرتنا والبدار فطوينا المراحل إليها، واستعنا بالله في تكميل ما رمناه لديها، وقد ازدهت بعسكرنا المظفر الوهاد، وسالت بأعناق المطى الأغوار والأنجاد، وتباهت بالانتظام في سلك طاعتنا البلاد، وحين طلعنا على حضرتنا العلية من آفاقها، وابتهجت النفوس بانتظام المسرات واتساقها، وجمع الله كلمة المسلمين بعد افتراقها، خرج إلى لقائنا محل ولدنا الأسعد الأرشد أبو بكر السعيد بن أخينا المرحوم أبي عنان رحمه الله والشوق قد بعثه على المسارعة إلى ركابنا، ونور الهداية قد أوضح له التمسك بعلى جنابنا، فوصل إلى بساطنا الأشرف يبرأ من تدبير الأمور ويلتمس منا الانفراد بنفسه على الجمهور وألقى مقاليد أمره إلينا، وعول في النظر له وللمسلمين علينا، وخرج بعده وزيرنا أعزه الله تعالى بعد أن قدم أسباباً ظاهرة من النصائح، أنتجت له العلا في بابنا والظهور، وتَجَرَ في حماية حضرتنا والقيام بدعوتنا تجارة لن تبور، وتمسك بمقامنا الكريم الذي يمهد له مراتب العز ويوطدها، ويثبت له أحكام الحظوة والمكانة ويؤكدها، ودخل بين يدينا إلى حضرتنا العلية وقد أشرق السعد في جنباتها واتضح، واتسع مجال الآمال في دولتنا الكريمة وانفسح، واستوينا على سرير ملكها، وانتظمت الفتوحات في سلكها، وتمت كلمة المؤمنين، وأعز الله باستقرار ملكنا وثبوته الدين، والحمد لله على هذه النعمة التي أعجزت عن القيام بشكرها، وانتشرت المسرات المتصلة في نشرها، أعلمناكم بذلك جرياً على حكم المودة التي أُسسَ بنيانها، وتساوى إسرارها وإعلانها، ولما بين أسلافنا رضوان الله عليهم من الوصلة الحميدة الآثار، والمحبة التي أكدها قرب الجوار، ولتعلموا أنا والحمد لله قد أعطانا النصر قياده، وفسح لنا الملك آماده، وأملنَا بحول الله تعالى أن يبلغ الإسلام مُرَادَه، ويجري في ميدان الجهاد جهاده، والله سبحانه وَلِيُّنَا المستعان، وبه اعتصامنا في كل أمر وشأن. وقد أوفدنا عليكم بخطابنا فلاناً وهو يقرر ما عندنا لكم من حسن المودة والمناصرة وجميل المعاضدة والمؤازرة. والله سبحانه يحرس ودادكم، ويفسح في جهاد أهل الكفر آمادكم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. وكتب في اليوم السابع عشر لشعبان المكرم عام ستين وسبعمائة. عرف الله خيره وبركته وكتب في التاريخ المؤرخ به. ووصل صحبة هذا الكتاب قوم من نبهاء الخدام تكفلوا بإِيصال العيال المتخلف بغرناطة، وشرعوا في الاستعداد والاستظهار بما حَملهم من زينه.