وقعد لهم السلطان بالأندلس قعوداً فخماً بقبة قصره، وتضمن الكتاب المذكور مدرجاً بما آلت إليه حال منصور بن سليمان طريده نصه: وصل الله لولائكم الرضى سمو المكانة والعلاء، ووالى في ذاته حراسة ذلكم الإخاء، مما تعلمكم به ونصل لكمالكم وَصْلَ المسرات بحسب الاعتقاد الجميل سببه هو أنه بعد ختم خطابكم الواصل هذا طيُّه إن شاء الله، ورد علينا التعريف من حفَدةِ ولي الله تعالى الإمام الكبير العارف الشهير أبي يعقوب البادسي رضي الله عنه وأدام رعايتهم، بأن الحائن الغادر الخائب الخاسر منصور بن سليمان الذي تعرض لما جهل بالتعرض له قدره، وأراهُ عاقبة غدره، وأحاق به مكره، وصل إلى بادس هو وولده ومعهما عطية بن نرْزدَع من أشياخ جبال غمارة المخالفين على طول السنين، طالبين لنجاتهم التي لم يجدوا إليها من سبيل، ولا عَدموا بمرامها الأخذَ الوبيل، فَقَبض على ثلاثَتِهِم خديمُنا الأثير المرعي عبد الله بن عسكر مع رُماة البلد، وتحصَّل جميعهُم في قبضة الثقاف، فبعثنا في الحين من يأتي بهم إلى بابنا العَلي أسماهُ الله ليذوقوا وبال أمرهم، ويجتنوا ثمرة غدرهم، ومن العجب أن عطية المذكور لم يُقدر عليه قط في حال امتناعه بحبله ولياذه بحيله، ولما أراد الله أخذه، بعث إليه الحائن الذي أتته به رجلاه، ورماهُ من شؤمه بما رماه، فأمكن الله منهم أجمعين وقُطِع دابرُ القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين نسأله سبحانه أن يوزعنا شكر نعمائه، ويؤدي عنا حقوق آلائه والسلام معادٌ عليكم ورحمة الله.