المقام الأسنى الذي أحسن الله له العقبى وأعقب له الحسنى، وبلغه من فضله ما تمنى، وجعله مثابة للناس وأمناً، هو مقام إبراهيم لفظاً ومعنى، مقام محل أخينا الذي جدد البيت الكريم ورفع أركانه، واستحق النصر العزيز فعين زمانه ومكانه، ونبهه القَدَرُ والحظُ المُبتدر فملأ أوطاره وتملك أوطانه، واستظهر للدهر بعقوده، طالباً إرث آبائه وجدوده، فحاز تراثه واسترد سلطانه، السلطان الكذا بن السلطان الكذا ابن السلطان الكذا بن السلطان الكذا أبقاه الله مُنشرحة بسلطانه الصدور، مُستمدة من نور سعادته البدور مُشَمِّراً لتتميم مآربه، وإيضاح مذاهبه، القدور المقدور، مقروناً بعزماته الظهور، متنافسة في تخليد مآثره الأيام والشهور، رافعاً رواق العصمة عدله المشهور، ضاحكاً في اليوم العبوس عَلَمه المنصور، معظم قدره وملتزم بِرّه المسرور، بما سناه الله من إجلال قدره، وإعزاز نصره، فلان، سلامٌ كريمٌ طيب بَرٌّ عميم يخصُّ مقامكم الأعلى وأخوتكم الفضلى، ورحمة الله وبركاته. أما بعد حمد الله الفتاح العليم، محيي ثمرة الأماني القاصية، والامال المتعاصية، من شجرات الرضا والتسليم، ومطلع أنوار الظفر بالأوطار، في ظلمات الأخطار، لأولي العزم من خُلفائه الأبرار، وذاخر منحة الفوز بما لديه، من أوليائه الكرام عليه، لمن أتاهُ بقلبٍ سليم، الذي جدَّدَ للمِلَّةِ ملابسَ عزها رائقة التَّسْهيم، وجلا عنها بنور السعادة غياهب الليل البهيم، ونَفَخَ منها روح الحياة في العظم الرميم، الملك الحق الذي إذا أعطى لم يُفِد لَدَدُ الخصم ولا مماطلة الغريم، فبيده ملاكُ القبض والبسط والتأخير والتقديم، والصلاة على سيدنا ومولانا محمد نبيه المصطفى الكريم ورسوله الرؤوف بالمؤمنين الرحيم، الذي أثنى في كتابه العزيز على خُلُقِه العظيم، وأرسله بالآيات البينات والذكر الحكيم، وأخبر أنه وملائكته يصلُّون عليه وأمر بالصلاة عليه والتسليم، وبعثه إلى الناس كافة يأخذ بالحجزات عن العذاب الأليم، ويدعو على بصيرةٍ منه سبحانه إلى جنات النعيم، حتى أصبحت كلمة الله تحثُ بها جياد الأقلام في ميادين الأقاليم، وسرت في الأقطار تبين لأولي الأسماع والأبصار حدود التحليل والتحريم، والرضا عن آله وأصحابه المتميزين بأصالة المجد وكرم الخِيم، الحائزين قصب السبق في الحديث والقديم، الذين خَلَفُوه في ملته بالتكميل لمحاسنها والتتميم، ونصروه في حياته نصراً تكفل بحفظ النفوس وصون الحريم. فإِنّا كتبناه إليكم كتب الله لكم صنعاً تُتْلَى أنباؤه ما بين زمزم والحطيم، وسعداً تُغني قواطعه في الأعداء عن اختيارات النصب واعتبارات التَّنجيم، ونصراً يدونه الذابل والحسام فيقومان بوظيفتي السَّبْر والتقسيم، وبشائر تَسْرِي في الآفاق مَسْرَى النسيم، وتسفر في مطالع التعريف عن الوجه الوسيم، وتروى منها العبادُ والبلادُ تحفةَ القادم وزاد المسافر وقوتَ المقيم، من حمراء غرناطة حرسها الله، ونعم الله قد همت منها السحاب، وفتوحاته الربانية قد تفتحت منها الأبواب، والكلمة المحمدية قد اتصلت بها الأسباب، ودولة الإسلام قد عاد لها بدولتكم الشباب، وآلاء الله قد ذهلت لِمَا بَهَر منها الألباب، والظنون فيه سبحانه قد صدق منها الحساب، ولا زائد بفضل الله الذي عمت هباته، فهو الجود الوهاب، ثم ببركة سيدنا ومولانا محمد رسوله الذي أشرق من نور هدايته الشباب، إلا العز المشيد، والسعد الجديد، والجَد السعيد، واليُمن العريض المديد، والآمال التي أشرف منها الجيد، والحمد لله حمداً يتوالى منه بوسيلة الشكر المزيد، وإلى هذا عرّف الله المسلمين والإسلام عارفة سعدكم، وهنأكم ما هيأه من الصنع الجميل لمجدكم، فإِنَّا قدمنا لكم الخطاب جواباً عما أهديتم إلينا، وأوفدتم بمقتضى فضلكم العميم علينا، من إتحافكم ببواكر الفتح الأسنى، والصُّنع الوثيق المبنى، وأنكم صرفتم العزم إلى دار الملك الذي احتفلت لسعادة أمركم أوقاته، ومقر العز الذي حفظ أمانته عليكم ثقاتُه، وتشوَّف إلى تلبية مجدكم ميقاته، وارتاحت إليكم عهودُه، وحنت إلى لقائكم سروجُه ومهودُه، وسهرت لارتقابكم عُيونَه، ويسرت لاقتضائكم ديونُه، ونضدت لمجالسكم مراتبه، وعُرِضَت بين يدي جودِكم مواهبه، وجُنِبَتْ جُرده وسلاهبُه، وزينتْ ببدركم هالتُه، وخطبت لجلالتكم جلالته، وإن الملك قد استقر