للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الشاهد: إذا كان الوعيد بالنار على سجن هرة والتّسبب في موتها، فكيف بمن كان سببا في قتل مسلم معصوم الدّم باغتيال أو تفجير، فلا شك أن وعيده أولى بفحوى الخطاب. قال ابن العربي: " ثبتَ النهي عن قتل البهيمة بغير حق، والوعيد في ذلك، فكيف بقتل الآدمي، فكيف بالتقي الصالح ". (١)

ومما سبق من النصوص القطعية يتضح ما يلي:

١ - حرمة دم المسلم وأنها من أعظم الحرم.

٢ - أن من قتل مسلما متعمدا فقد توعده الله بالغضب، واللعنة، والعذاب الأليم.

٣ - أن حرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، وأن زوال الدنيا أهون عند الله من زوال نفس مؤمنة.

٤ - شناعة وفظاعة القتل وسوء عاقبته في الدنيا والآخرة.

٥ - أن الإعانة أو الإشارة أو الاشتراك في قتل مسلم، داخل في القتل، مؤذن بالعقوبة،

موجب للنار.

٦ - أن من فرح بقتل رجل مسلمٍ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.

ويدخل في الحرمة أيضا الكفار غير المحاربين من الذميين، والمعاهدين، والمستأمنين؛ لثبوت ذلك في عدة أحاديث منها:

١ - حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - ما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة

وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما ". (٢)

قال الشوكاني: " المعاهد: هو الرجل من أهل دار الحرب يدخل إلى دار الإسلام بأمان، فيحرم على المسلمين قتله بلا خلاف بين أهل الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه، ويدل على ذلك قوله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَى يَسْمَعَ كلَامَ اللهِ ثُمَ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (٣) ". (٤)


(١) فتح الباري: ابن حجر، ج ١٣، ص ١٨٩.
(٢) صحيح البخاري: باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم، ج ٤، ص ١٢٠، برقم ٣١٦٦.
(٣) التوبة (٦).
(٤) نيل الأوطار: الشوكاني، ج ٧، ص ٩٦.

<<  <   >  >>