ووسعها:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَق وَهُوَ اللطيفُ الخَبير}. ولذلك أوجب عليها التكاليف الشرعية، وهو يعلم أنه بمقدور هذه النفس الالتزام بها، وهو يعلم أنها كلها ضمن " وسعها " وطاقتها.
{لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} تطالب جميع المسلمين الالتزام بكافة التكاليف الشرعية، وتُعلمهم أنه في وسعهم وطوقهم أن يقوموا بهذا الالتزام، لأن الله هو الذي يعلم مقدار تحملهم وطاقة قدرتهم، ولذلك ألزمهم بها.
ونفهم من هذه الآية أنها تقرر حقيقةً هامةً في قواعد التشريع الإسلامي، وهي أن هذا التشريع بكافة جوانبه ومجالاته يُراعى فيه الطاقة والوسع، ويراد منه التطبيق العملي والتنفيذ الواقعي.
كما أن هذا التشريع يتَّصف بالسماحة واليسر، فلا عسر فيه ولا حرج، ولا خيالية فيه ولا استحالة. وهذا كله من مظاهر فضل الله على المسلمين، وإرادته اليسر والرحمة والخير بهم، عندما كلفهم بكل ما كلفهم به.
على أنه من الواجب أن نشير هنا إلى أن التشريع الرباني الحكيم، كان يراعي الحالات الاستثنائية الخاصة، وكان يلاحظ النفس الإنسانية في ظروفها وأحوالها، ولذلك كانت فيه بعض الاستثناءات المتمثلة في " الرخص " الشرعية، والتخفيف في بعض الأحكام التكليفية.
فالمسافر يرخَّص له في الإفطار، ويقصر ويجمع الصلاة، والمريض يفطر ويقضي أو يفدي، والحائض والنفساء يجب عليهما الفطر وترك الصلاة، وتقضيان الصوم ولا تقضيان الصلاة، والحج واجب على المستطيع، ولا زكاة لمن لم يملك النصاب، وأكل الميتة مباحٌ للمضطر، ويباح للمكره أن ينطق