كان من القول اللين: أن يكشف موسى عليه السلام لفرعون مغالطاته، وأن يبين له علمه بأن الآلهة المزيَّفة لا تملك شيئاً، ومعرفته بأنه لا إله إلا ربّ العالمين، لكنه يغالط في هذا، ويزعم إنكار الألوهية لله رب العالمين.
قال فرعون: إني لأظنك يا موسى مسحوراً.
أجابه موسى عليه السلام برجولة وجرأة وتحديد وصراحة: إني لأظنك يا فرعون مثبوراً -والمبثور هو الهالك الخاسر-.
والسؤال الذي نوجهه للناصحين المنظِّرين: هل كان موسى عليه السلام مخالفاً للقول اللين عندما قال لفرعون: إني لأظنك يا فرعون مثبورا؟.
والتساؤل الذي نطرحه: لو كان موسى عليه السلام يعيش في زماننا
هذا، وقال الكلام هذا. فبماذا يصفه الواصفون؟ ومع من يصنِّفونه؟ أقلُّ ما يقولونه عنه: إنه متعصبٌ متزمتٌ متشددٌ غليظٌ عنيفٌ قاسٍ منفر.
بهذا التفسير الواضح من موسى عليه السلام، يجب أن نفهم المراد بالقول اللين وكيفية ومجال قوله، ويجب أن نعرف كيف قال موسى هذا القول اللين لفرعون، من خلال الاطلاع على مشاهد المواجهة بينهما التي أشار إليها القرآن الكريم، والتي تعتبر هي التفسير العملي للأمر الرباني بالقول اللين.