والإنسان لا يقدر أن يهدي أحداً إلا بالدعاء وتعريف الطرق -يعني الهداية الثانية وهي هداية الدعوة- دون سائر أنواع الهدايات.
وإلى هذا أشار بقوله تعالى:{وَإنَّكَ لَتَهْدي إِلى صِراطٍ مُسْتَقيم}.
يعني تدعو. وقوله تعالى:{يَهْدُونَ بِأَمْرِنا}، يعني يدعون بأمرنا.
وقوله تعالى:{وَلكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}. يعني لكل قومٍ داعٍ يدعوهم إلى الله.
وكل هداية ذكر الله أنه منع الظالمين والكافرين منها، فهي الهداية الثالثة، وهي التوفيق الذي يختصّ به المهتدون، والرابعة وهي الثواب في الآخرة وإدخال الجنة.
وعلى هذا يُحمل قوله تعالى:{كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
وكل هداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشر، وذكر أنهم غير قادرين عليها ما عدا الهداية الثانية وهي الدعوة. فالهدايات المنفيَّة عن البشر الدعاة هي الأولى -العقل والفطرة-، والثالثة -التوفيق-، والرابعة -إدخال الجنة-.
فالدعاة عاجزون عن منح العقل للناس، وعاجزون عن منح التوفيق والثبات للناس، وعاجزون عن منح الجنة للناس.