هي، ذكرُهم مع المؤمنين، والثناءُ عليهم بأنهم آمنوا بالله واليوم الآخر، وتقرير أن لهم أجرهم عند ربهم، وأنهم لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
وهذا الفهم خاطئٌ ومغلوط بلا شك، ويتعارض مع آياتٍ أخرى، صريحة في عدم قبول دينهم منهم، وكونهم كافرين خالدين في النار. كما أن هذه الآيات لا تدل على هذا الفهم، ولا توحي به.
إن اليهود والنصارى عندما يستخرجون من الآيات هذا المعنى الباطل، إنما يقومون بعملية خبيثة، من الخداع والتزوير والتحريف والتمويه والتمييع.
إن الآيات السابقة لا تعني قبول أديان أصحاب الديانات السابقة -اليهود والنصارى والصابئة- بعد مجيء الإسلام، لأنها منسوخة بالإسلام، ولا تعني قبول تديُّن وعبادة وعمل السابقين -بعد مجيء الإسلام- لأنهم يعبدون الله على دين منسوخ. وإنما تعني قبول هؤلاء، واعتبارهم ناجين من أهل الجنة وفق شروط لابد من توفرها:
إنهم لا بد أن يؤمنوا بالله واليوم الآخر حق الإيمان، ومن لوازم الإيمان بالله، الإيمان بكل كتب الله -ومنها القرآن- والإيمان بكل رسل الله -ومنهم محمد عليه الصلاة والسلام- فكل من لم يؤمن بالقرآن على أنه كلام الله لم يؤمن باللهِ حق الإيمان، وكل من لم يؤمن بأن محمداً رسول الله لم يؤمن باللهِ حق الإيمان. فهل اليهود والنصارى الآن يؤمنون بالقرآن وبمحمد عليه الصلاة والسلام؟؟.
ثم اشترطت الآيات أن يكون العمل صالحاً، حتى يكون مقبولاً عند الله، ولن يكون العمل صالحاً إلا إذا كان كما يريد الله، ووفق ما بيَّنه في الدين الأخير والشريعة الخاتمة، أما من عمل عملاً وفق دين سابقٍ منسوخ، فلن يكون صالحاً ولا مقبولاً منه.
إن اليهود والنصارى الآن لا يؤمنون بالله كما يريد الله، ولا يعملون العمل الصالح كما بيَّنه الله، ولذلك لا تعنيهم هذه الآيات.