من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، مهما كان انتماؤه ودينه، حتى لو كان كافراً. ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره، مهما كانت عبادته، حتى لو كان وليّاً.
وقد يأتي أحد الكافرين -وبخاصة اليهود النصارى- فيتوكأ -لهدفٍ خاصٍّ في نفسه- على هذه الآية، ويجعلها شاهدةً على قبول أعماله الحسنة التي يقوم بها، وعلى إثابته عليها عند الله يوم القيامة، وعلى كونه بسببها من أهل الجنة.
فيقول هذا اليهودي أو النصراني للمسلمين: إن قرآنكم يدل على أن أعمالنا الخيّرة مقبولةٌ عند الله، ولهذا نحن نقدم أموالاً طائلةً للمدارس والمشروعات الخيرية، وها هم أحبارنا ورهباننا يُكثرون من الذكر والصلاة والصيام والقيام -على الطريقة اليهودية أو النصرانية طبعاً- وقرآنكم يشهد على قبول أعمالهم:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}، وفهم هؤلاء مغلوطٌ خاطئ، وكلامهم تحريف لمعنى الآية.
والمثير للعجب والدهشة والاستغراب هو أن يفهم هذا الفهم المغلوط بعض المسلمين، وأن يردد هذا الكلام بعض حملة العلم من المسلمين.
نقل سيد قطب عبارةً عجيبةً للشيخ محمد عبده بهذا الخصوص. قال: جاء في تفسير الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده لقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}: وما نقله بعضهم من الإجماع على أن الكافر لا تنفعه في الآخرة حسنة، ولا يخفف عنه عذاب سيئة ما، لا أصل له.
لا بد من قرْن هاتين الآيتين بآياتٍ أخرى صريحة، تحدد مبدأ قبول الأعمال عند الله، وتشترط الإِيمان والدخول في الإِسلام لقبول أعماله، ونجاته من العذاب يوم القيامة.