قال ابن عباس: أمرنا مترفيها بحقٍّ فخالفوه، فحق عليهم بذلك التدميرُ.
وقال ابن عباس مرجحاً قولاً آخر فيها: أمرنا مترفيها: سلطنا شرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب، وهو قوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا}.
ولذلك لما سال نافعُ بن الأزرق -زعيم الخوارج- ابنَ عباس رضي الله عنهما في موسم الحج عن آياتٍ من القرآن. سأله عن معنى {أمرنا مترفيها}، فقال: سلطنا الجبابرة عليهم فساموهم سوء العذاب.
وعن أبي العالية: أمرنا مترفيها: أمّرنا عليهم أمراء.
وعن ابن عباس أنه قرأ: آمرنا. قال: أكثرنا فساقها.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول للحي إذا كثُروا في الجاهلية: قد أَمروا بني فلان.
وبعد هذه الأقوال: نقول: المعنى الراجح للآية: أنّ المراد بالأمر حقيقته التي هي ضد النهي. وأن الله يأمر المترفين بالطاعة، فيخالفون أمره، ويقومون بالفسق والمعصية، فيحق عليهم أمر الله، ويوقع بهم العذاب والدمار.
والملاحظ في الآية أنها أثبتت الفسق للمترفين، ولكنها أوقعت التدمير بكل أهل القرية، مترفين وغير مترفين! فما ذنب الآخرين؟