للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا خطأٌ بيّن، وتلاعبٌ من هؤلاء بمعاني آيات القرآن، وتغييرٌ لمفاهيمها.

إن الآية تتحدث عن العلماء المؤمنين الخاشعين الصالحين العابدين، وهذا هو سياقها الذي وردت فيه.

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}.

العلماء الذين يخشون الله، هم: {الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً}، كما حددت الآية.

هذا ما فهمه المفسرون منها، قال الإمام الزمخشري في تفسيرها: " المراد العلماء به، الذين عرفوه بصفاته وعدله وتوحيده، وما يجوز عليه وما لا يجوز، فعظَّموه وقدَّروه حق قدره، وخشوه حق خشيته. ومن ازداد به علماً ازداد منه خوفاً، ومن كان علمه به أقلّ كان آمن ".

ومن أعاجيب الأغاليط في هذا المقام أن بعضهم يقول: {إنّما يخشى اللهُ مِنْ عِبادِهِ العُلَماءَ}، فيجعل الله هو الذي يخشى العلماء، ويحسب لهم حساباً، ويحذر منهم -سبحانه. وقائل هذا متفقٌ مع الأساطير اليونانية الوثنية، حول الصراع المَرير بين الآلهة والإنسان، وخشيتها له، وخوفها منه- كما في أسطورة " برومثيوس " مثلاً.

<<  <   >  >>