إنك قد تقرأ أو تسمع لأحدهم وهو يقول: إن الكفار سيعذبون في النار، وقد يطول بهم هذا العذاب، ولكنه ليس عذاباً دائماً مؤبداً، وهم لن يبقوا في النار إلى الأبد، وإنما سوف يعفو الله عنهم، ويخرجهم من النار، ويدخلهم الجنة، وُيعرفون فيها بأنهم " عتقاء الرحمن "! أما جهنم فسوف يأتي عليها حينٌ ليس فيها معذبون، وأن نارها سوف تخمد، وسيكون مكانها نباتاً وأشجاراً!
وبَنَوْا كلامهم هذا على قوله تعالى عن عذاب الكفار:{خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}.
وإن الإنسان البصير يتساءل: لماذا لا تقولون هذا عن الجنة ونعيمها
وأهلها! طالما أن العبارة نفسها وردت عند الحديث عنها:{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} إن
الآية توحي -بناء على فهم أولئك الناس- بأن نعيم الجنة موقوت، ومقيدٌ بدوام السموات والأرض، ومتعلق بالمشيئة الربانية، فلماذا لا تقولون: بأن الجنة سوف يأتي عليها يومٌ لن يكون فيها منعَّمون، ولن يكون فيها نعيم؟
إن قصر هذا التوقيت والتقييد على عذاب النار وعلى الكفار وحدهم، نوعٌ من التحكم! ولو قلنا بأن نعيم الجنة موقوت، وإن أهلها منها سيخرجون، فإن كلامنا لن يتفق لا مع النص ولا مع العقل ولا مع المنطق!
ونرى أن فهم هؤلاء خاطئ، واستنتاجهم من الآية غير صحيح، فالقول بعدم خلود الكفار في النار، وخروجهم منها إلى الجنة في آخر الأمر، وفناء النار وزوالها من جهنم، يتعارض مع الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة.
إن القرآن يقرر بآياتٍ صريحة خلود الكفار الأبدي في النار، وأنهم لن يخرجوا منها مطلقاً: