فقوله:{وَتَقَلُّبَكَ في الساجِدِين} قال فيه بعض أهل العلم، وتقلبك في أصلاب آبائك الساجدين، أي المؤمنين باللهِ كآدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل عليهم السلام.
واستدل بعضهم لهذا القول فيمن بعد إبراهيم عليه السلام من آبائه، بقوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام:{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} وممن رُوي عنه هذا ابن عباس.
وفي الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول، وهي قوله تعالى قبله مقترناً به:{الذي يَراكَ حينَ تَقوم} فإنه لم يقصد به أنه يقوم في أصلاب الرجال إجماعاً. وأول الآية مرتبطٌ بآخرها: أي الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك، وحين تقوم من فراشك ومجلسك. ويرى تقلبك في الساجدين على أظهر الأقوال، لأنه صلى الله عليه وسلم، يتقلب في المصلين قائماً وساجداً وراكعاً.
وقال بعضهم: الذي يراك حين تقوم إلى الصلاة وحدك، وتقلبك في الساجدين، أي المصلين على أظهر الأقوال، إذا صليت بالناس ".
هذه الآيات إذن لا تتحدث عن أجداد الرسول عليه السلام، ولا تقرر أنهم جميعاً كانوا ساجدين لله، بل عندنا آياتٌ صريحة وأحاديث صحيحة، أنهم ليسوا جميعاً كانوا ساجدين لله. وما يمكن أن نأخذه من الآيات هو وجوب توكل الرسول عليه الصلاة والسلام على ربه، واعتناء الله برسوله وحفظه له، وعبادة الرسول عليه السلام المستمرة التي استوعبت له حياته، وأن الله يراه عندما يصلي وحده، وعندما يصلي مع المسلمين الساجدين.