للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمن طلل عافى المحل دفين ... عفا آيه إلا خوالد جون

كما اقترنت عند المساء حمائم ... غريبات ممسى ما لهن وكون

ديار التي أما جنى رشفاتها=فيحلوا، وأما مسها فيلين وقال كثير بن عبد الرحمن الخزاعي:

متى أسل عن سعدى يهجني لذكرها ... حمائم أو أطلال دار مواثل

أضر بها الأنواء والريح والندى ... وغير مغناها الضحى والأصائل

وقال أيضاً:

عزة أطلال أبت أن تكلما ... تهيج مغانيها الطروب المتيما

كأن الرياح الذاريات عشية ... بأطلالها ينسجن ريطاً مسهما

أبت وأبى وجدي بعزة إذ نأت ... على عدواء الدار أن يتصرما

وقال أيضاً:

أهاجك من سعدى الغداة طلول ... بذي الطلح عامي ومحيل

وما هاجه من منزل لعبت به ... لهوجاء مرقال العشي ذيول

بما قد ترى سُعدى به وكأنها ... طلاً راشحٌ للبارحات خذول

وقال أيضاً:

ألم تربع فتخبرك الطلول ... ببينة رسمها عاف محيل

تحمل أهلها وجرى عليها ... رياح الصيف والسرب الهطول

تحن بها الدبور إذا أربت ... كما حنت مولهة ثكول

وقال الحادرة، واسمه قطبة بن أوس:

لعمرة بين الأخشبين طلول ... تقادم منها مشهر ومحيل

وقفت بها حتى تعالى بي الضحى ... لأخبر عنها إنني لسؤول

وقال أبو نصر الخيشي:

أطيل وقوفي في الطلول كأنما ... تخلف خلفي صاحب أتأناه

ومن شيم العشاق في مذهب الهوى ... وقوفهم في الربع أقفر مغناه

وقال عمر بن أبي ربيعة:

هل تعرف الدار والأطلال والدمنا ... زدن الفؤاد على علاته حزنا

دار لأسماء إذ كنا نحل بها ... وأنت إذ ذاك قد كانت لكم وطنا

وقال أبو الوليد عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي:

بأطلال دار من عميرة عرج ... كوشي اليماني برده غير منهج

أقامت على الأنواء يسحقن تربها ... وتنسجها الأرواح من كل منسج

أراني على شيب القذال متى أقف ... بأطلال دار من عميرة أنشج

وقال كثير بن عبد الرحمن:

أأطلال سُعدى باللوى تتعهد ... أقامت على الإقواء أم تتجدد

وبين التراقي واللهاة حرارة ... مكان الشجى ما تستقر فتبرد

وقلت لماء العين: أمعن لعله ... بما لا يرى من غائب الوجد يشهد

ولم أر مثل العين ضنت بمائها ... علي، ولا مثلي على الدمع يحسد

وقال ذو الرمة غيلان:

خليلي عوجا عوجة ناقتيكما ... على طلل بين القلات وسارع

وقفنا فقلنا: إيه عن أم سالم ... وما بال تكليم الديار البلاقع

فما كلمتنا دارها غير أنها ... ثنت هاجسات من خبال مراجع

خلت غير آجال الصريم وقد ترى ... بها وضح اللبات حور المدامع

قيل: دخل بشار بن برد على عقبة بن سلم، فأنشده بعض مدائحه فيه، وعنده عقبة بن رؤبة بن العجاج، فأنشده عقبة بن رؤبة رجزاً يمدحه به، فشيعه بشار، وجعل يستحسن ما قال، إلى أن فرغ، ثم أقبل على بشار، فقال: هذا طراز لا تحسنه أنت يا أبا معاذ، فقال بشار: ألى يقال مثل هذا؟! والله لأنا أرجز منك ومن أبيك ومن جدك، فقال له عقبة: أنا - والله - وأبي وجدي فتحنا للناس باب الغريب وباب الرجز، وإني لخليق أن أسده عليهم، فقال له بشار: ارحمهم رحمك الله، فقال عقبة، أتستخف بي يا أبا معاذ وأنا شاعر ابن شاعر ابن شاعر؟ فقال له بشار: فأنت إذن من الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً. ثم خرج [من عنده] عقبة مغضباً، فلما كان من غد غدا بشار على عقبة بن سلم، وعنده عقبة ابن رؤبة فأنشده أرجوزته - التي مدحه فيها -:

يا طلل الحي بذات الصمد ... بالله خبر كيف كنت بعدي؟

أحسست من دعد وترب دعد ... سقياً لأسماء ابنة الأشد

قامت تراءي إذ رأتني وحدي ... كالشمس بين الزبرج المنقد

صدت بخد وجلت عن خد ... ثم انثنت كالنفس المرتد

عهداً لها سقياً له من عهد ... تخلف وعداً أو تفى بوعد

فنحن من جهد الهوى في جهد ... ....

ويقول فيها:

وافق حظاً من سعى بجد ... ما ضر أهل النوك ضعف الكد

الحر يلحي والعصا للعبد ... وليس للملحف مثل الرد

<<  <   >  >>