للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبى الموت إلا أن كل بني أب ... سيمسون شتى غير مجتمعي الشمل

سأبكي أخلائي الذي تبرضوا ... دموعي، حتى أسرع الحزن في عقلي

كأنك لم نعش يوماً، ونحن بغبطة ... جميعاً، وينزل عند رحلهم رحلي

كان متمم بن نويرة لا ينفك يبكي أخاه مالكاً، فخاف قومه عليه أن يذهب بصره من البكاء، فزوجوه أم خالد، لعله يسلو، ويكف عن البكاء، فبينا هو وضاع رأسه على فخذها، إذ بكى، فقالت: لا إله إلا الله، ألا تنسى أخاك في حال؟! فقال:

أقول لها ... لما نهتني عن البكا

: أفي مالك تلحينني أم خالد؟!

فإن كان إخواني أصيبوا وأخطأت ... بني أمك أسباب الحتوف الرواصد

فكل بني أم سيمسون ليلة ... ولم يبق من أعيانهم غير واحد

ذريني، فإن لا أبك لم أنس ذكره ... وإن أمرتني بالعزاء عوائدي

ذريني، فكم من صالح قد رزئته ... أخ لي كصدر الهندواني ماجد

بودي لو أني تمليت عمره ... بمالي من مال طريف وتالد

وبالكف من يمنى يدي حياته ... ففارقني منها بناني وساعدي

فعشنا لنا أيد ثلاث وإنما ... تصافي الحياة بذلها بالتحامد

وقال متمم أيضاً:

لعمري، وما دهري بتأبين هالك ... ولا جزعاً، والدهر يعثر بالفتى

لئن مالك خلي على مكانه ... لفي أسوة إن كان ينفعني الأسى

كهول ومرد من بني عم مالك ... وأيسار صدق لو تمليتهم رضى

سقوا بالعقار الصرف حتى تتابعوا ... كدأب ثمود إذ رغا بكرهم ضحى

وهون وجي بعد ما كدت أنتحى ... على السيف حتى يبلغ الجوف والشحى

رجال أراهم من ملوك وسوقة ... خبوا بعد ما نالوا السلامة والغنى

على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي ... لك الويل حر الوجه، وليبك من بكى

على يسر منهم يسير، وفارس ... إذا ارتدف الشيء الحوارك والذرى

إذا القوم قالوا من فتى؟ يوم نجدة ... فما كلهم يعنى، ولكنه الفتى

تقول أمامة لما رأت ... نشوزي عن المضجع الأنفس

وقلة نومي على مضجعي ... لدى هجعة الأعين النعس:

أبي ما عراك؟ فقلت: الهمو ... م عرون أباك، فلا تبأسي

لفقد الأحبة إذ نالها ... سهام من الحدث المؤيس

رمتها المنون بلا نصل ... ولا طائشات ولا نكس

بأسهمها المتلفات النفو ... متى ما تصب مهجة تخلس

فصرعنهم بنواحي البلا ... ملقى بأرض ولم يرمس

فذاك الذي غالني فأعلمي ... ولا تسأللي بامرئ مؤتس

أولئك قومي أناخت بهم ... نوائب من زمن متعس

قال: فرأيت دموع عبد الله بن حسن بن حسن - رضي الله عنهم - تتحدر على خده.

ويروى أن هذا الشعر لأبي سعيد مولى فايد مولى عمر بن عثمان بن عفان - رضوان الله عليه - يرثي قتلى بني أمية الذين قتلهم عبد الله وداود ابنا علي بن عبد الله بن العباس - رضي الله عنهم - وكان الرشيد لما حج أحضرأبا سعيد، وقال له: أنشدني قصيدتك:

"تقول أمامة لما رأت ...

فأنشده، وقال: يا أمير المؤمنين، كان القوم موالي، وأنعموا على، فرثيتهم ولم أهج أحداً، فتركه.

وقال الأشهب بن رميلة:

إن الألى حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد

هم ساعد الدهر الذي يتقى به ... وما خير كف لا تنوء بساعد

أنشد النجيرمي لمنظور بن مرثد الراجز، يرثي مقاتلاً، وحبيشاً ابني جزء:

أما تريني اليوم يا أم صالح ... طويلاً قيامي للأسى وقعودي

فإن مصيبات أصبن مقاتلاً ... وأصحابه استجهلن كل جلدي

وكانوا جمالي في الحياة وعدتي ... وحرزي إذا ما قلت أي أسودي

وقال دعبل بن علي الخزاعي:

كانت خزاعة ملء الأرض ما اتسعت ... فقص مر الليالي من حواشيها

هذا أبو القاسم الثاوي ببلقعة ... تسفي الرياح عليه من سوافيها

هبت، وقد علمت أن لا هبوب به ... وقد تكون حسيراً إذ يباريها

أضحى قرى للمنايا إذ نزلن به ... وكان في سالف الأيام يقريها

من للخصوم إذا جد الخصام بهم ... بعد ابن سعد، ومن للضمر القود

وموقف قد كفيت الناطقين به ... في مجمع من نواصي الناس مشهود

<<  <   >  >>