وإني لأهوى أن أكون بأرضكم ... على أنني منها استفدت سقامي
وقال آخر:
أرى كل أرض دمنتها وإن مضت ... لها حجج يزداد طيباً ترابها
ألم تعلمن يا رب، أن رب دعوة ... دعوتك فيها مخلصاً لو أجابها
فأقسم لو أني أرى نسباً لها ... ذئاب الفلا حبت إلى ذئابها
لعمر أبي ليلى لئن هي أصبحت ... بوادي القرى ما ضر غيري اغترابها
وقال قعنب ابن أم صاحب:
قد كنت أقصرت عن نجد فهيجني ... على تذكرها الخفان والحضن
لما وردت بلاداً لست أعرفها ... وشاقني ذكر أخرى هاج لي حزن
فقلت: قد حان من أرض ولدت بها ... أوب، وقد حان من صرف النوى قرن
عل النوى بك يوماً أن تريع، فقد ... تدنو الغريبة حتى يدنو الوطن
وقال أبو نصر بن النحاس الحلبي:
سقى الله أرضاً لبسنا الشبا ... بأرجائها وخلعنا الوقارا
دياراً شكت فرقة الظاعن ... ين بألوانها فتحلت بهارا
زمان صحبناه مستعذباً ... فبان، ولم يبق إلا ادكارا
وقال آخر:
تعوضت من دودان حملاً وأرضها ... فما طاب لي شربي ولا راق مشربي
فإن تلتبس حلى بدودان لا أرم ... لئن كنت ذا ذنب، وإن غير مذنب
ألا إن قوم المرء خير تفيةٍ ... من الأبعد الأقصى، وإن لم تقرب
وقال مروان بن أبي حفصة من قصيدة في معن بن زائدة الشيباني:
إني إلى كل أرض أنت ساكنها ... صب، وإن كنت عنها نازح الوطن
قلدتني منك حبلاً فاعتصمت به ... أسبابه غير رثات ولا وهن
تضيق أعطان قوم إن هم سئلوا ... وأنت بالخير سهل واسع العطن
لو لم تكن للندى جاراً فتطلقه ... ما انفك والبخل مجموعين في قرن
وقال أبو الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس الغنوي، من قصيدة يرثى بها محمود بن نصر بن صالح، ويعزى ولده نصر بن محمود، ويمدحه:
فلله ملك زين الأرض ملكه ... وجاد الحيا ملكاً تضمنه القبر
وكنا نظن الأرض تظلم بعده ... فقمت مقام البدر إذ أفل البدر
وكاد شعار الخوف ينبث في الورى ... فنادى شعار الأمن يا نصر يا نصر
وقال أعرابي:
سقى الله أرضاً يعلم الضب أنها ... بعيد من الأدواء طيبة البقل
بنى بيته في رأس نشز وكدية ... وكل امرئ في حرفة العيش ذو عقل
[فصل آخر في ذكر الأرض]
قال أبو العلاء [أحمد بن عبد الله] بن سليمان:
تحمل عن الأرض المريضة غادياً ... ولا ترض للداء العياء سوى الحسم
وما فتئت روح الفتى في نوائب ... تمارسها حتى استقلت عن الجسم
إذا ما تفرقنا خلصنا من الأذى ... ولم يحتج الراعي المسيم إلى الوشم
وقال الشنفرى:
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ... وفيها لمن رام القلى متحول
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ ... سرى راغباً أو راهباً وهو يعقل
أديم مطال الجرع حتى أمله ... وأضرب عنه الذكر صفحاً فأذهل
واستف ترب الأرض كيلا يرى له ... على من الطول امرؤ متطول
ولولا اجتناب الذام لم يلف مشرب ... يعاش به إلا لدى ومأكل
ولكن نفساً مرة لا تقيم بي ... على الضيم إلا ريثما أتحول
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلاً من بني كلاب يكنى أبا حبال نزل على عبد الله بن عمر بن حفص، ومعه ابنه حبال، فمرض ابنه ثم مات، قال عبد الله: فأمر أبي بكفنه، فكفناه، فلما فرغنا منه استأذن أبوه أبي أن يدخل عليه، فيسلم عليه ويودعه، فأذن له، فدخل، فأكب عليه، فسمعناه يقول:
ولولا حبال لم تنخ بي مطيتي ... بأرض بها الحمى بورد وصالب
وقائلة أرداك والله حبه ... بنفسي حبال من خليل وصاحب
فجعل يكرر ذلك، ثم فقدنا صوته، فقال لنا أبي: أظنه والله قد مات، فدخلنا فوجدناه ميتاً، فجهزناهما، وحملناهما فقبرناهما.
وقال آخر - وتروى لحاتم -:
إن كنت تزعم أن الأض واسعة ... فيها لغيرك مرتاد ومرتحل
فارحل فإن بلاد الله ما خلقت ... إلا ليسكن منها السهل والجبل
وابغ المكاسب من أرض مطالبها ... من حيث يجمل حتى ينفد الأجل
وقال آخر: