للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمر بربع كنت فيه كأنما ... أمر من الإجلال بالحجر والركن

وإجلال مغناك اجتهاد مقصر ... إذا النصل أودى فالعفاء على الجفن

وقال آخر:

أسعداني بعبرة أسراب ... من دموع كثيرة التسكاب

إن أهل الحصاب قد تركوني ... موزعاً مولعاً بأهل الحصاب

أهل بيت تتابعوا للمنايا ... ما على الدهر بعدهم من عتاب

فارقوني، وقد علمت يقيناً ... ما لمن ذاق ميتة من إياب

كم بذاك الحجون من [حي صدق] ... وكهولٍ أعفة وشباب

فلى الويل بعدهم وعليهم ... صرت فرداً، وملني أصحابي

عن حماد الراوية قال: حدثنا ابن أخت لنا من مراد قال: وليت صدقات قوم من العرب، فبينا أنا أقسمها في أهلها، إذ قال لي رجل منهم: ألا أريك عجباً؟ قلت: بلى، فأدخلني في شعب من جبل، فإذا أنا بسهم من سهام عاد بن قنا قد نشب في ذروة من الجبل مكتوب عليه:

ألا هل إلى أبيات شمخ إلى اللوى ... لوى الرمل يوماً للنفوس معاد؟!

بلاد بها كنا، وكنا من أهلها ... إذ الناس ناس، والبلاد بلاد

ثم أخرجني إلى ساحل البحر، فإذا أنا بحجر يعلوه الماء طوراً، يظهر طوراً، عليه مكتوب: يا ابن آدم، يا عبد ربه، اتق الله، ولا تعجل في أمرك؛ فإنك لن تسبق رزقك، ولا ترزق ما ليس لك. ومن البصرة إلى دبيل ستمائة فرسخن فمن لم يصدق، فليمش على الطريق على الساحل حتى يتحققه، فمن لم يقدر على ذلك فلينطح برأسه هذا الحجر" وقال أبو بكر محمد بن عيسى الداني - من شعراء الأندلس - يندب المعتمد على الله أبا القاسم محمد بن المعتضد بالله أبي عمرو عباد بن محمد بن عباد، حين تغلب على بلاده يوسف بن تاشفين المثلم، وانتزعه من ملكه، وكان أدبياً جواداً محسناً إلى أهل الأدب:

يا ضيف أقفر بيت المكرمات فخذ ... في ضم رحلك واجمع فضلة الزاد

ويا مؤمل واديهم ليسكنه ... خف القطين، وجف الزرع بالوادي

ضللت سبل الندى يا ابن السبيل فسر ... بغير قصد، فما يهديك من هاد

إن يخلعوا فبنو العباس قد خلعوا ... وقد خلت قبل حمص أرض بغداد

سارت سفائنهم والنوح يتبعها ... كأنها إبل يحدو بها حاد

وأول هذا الشعر:

تبكي السماء بدمع رائح غاد ... على البهاليل من أبناء عباد

عريسة دخلتها الحادثات على ... أساود منهم فيها وآساد

وكعبة كانت الآمال تعمرها ... فاليوم لا عاكف فيها ولا باد

كم من درارى سعود قد هوت وزهت ... منهم، ومن درر للمجد أفراد

(وبعده الشعر المقدم) .

وقال الشمردل بن شريك المنقري يرثي أخاه وائلاً:

لعمرك إن الموت منا لمولع ... بمن كان يرجى نفعه وفواضله

وما البعد إلا أننا بعد صحة ... كأن لم نبايت وائلاً ونقايله

فأصبح بيت الهجر قد حال دونه ... وغال أمرأً ما كان تخشى غوائله

سقى الصفرات الغيث ما دام ثاوياً ... بهن، وجادت أهل شول مخايله

وما بي حب الأرض إلا جوارها ... صداه، وقول ظن أني قائله

عن عمير الرماح قال: رأيت مهنأة بنت الذيال اليشكرية، وقد أفسدت الدموع خديها، لكثرة بكائها، فقلت لها: إلى كم هذه العبرة، وشرق الحسرة؟ قالت: إلى أن يضمني ما ضم مسعود، تعني القبر، ومسعود بن عبد الله بن عوف زوجها، قتله بنو جعفر من كلاب يوم الحاصة، فقالت لناعيه: هل قال شيئاً، وهو يجود بنفسه؟ قال: نعم قال:

أترى التي خلفتها في بيتها ... وضممت ساعدها إلى نحري

ثبتت على العهد الذي عاهدتها ... أم أخلفته وأغفلت أمري

فصاحت وقالت: يا مسعود إن أغفلته فأغفلني الله من رحمته.

وقال آخر:

لله أبيات إذا أوطنتها ... غنى الفقير بها، وعز الجاني

قوم إذا نزل الغريب بدارهم ... منحوه سلوته عن الأوطان

عن ابن جريح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى ليحب البيت الخصيب" يعني الكثير الخير.

<<  <   >  >>