للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما ان في ذلك تربية للملكة الفقهية المؤهلة للاستدلال والترجيح، القادرة على تفريع المسائل من قواعدها الكبرى، وامكان رد الجديد من احكام الحوادث الطارئة الى ما يثبت نسبها اليه من الأصول.

لذا رأينا العلماء الاولين يعطون أهمية كبرى لمعرفة ما إليه مرد الاختلاف بين الأئمة، بحيث لا يكون طالب الفقه فقيها مالم يعرف كيف بحثوا، وكيف استدلوا، وبالتالي يعلم ان الاختلاف في الجزئيات كان ثمرة تباين الانظار أو تباعدها في الحكم على الأسس التي عنها تفرعت تلك الجزئيات (١).

وفي المقدمة أشار المؤلف الى ان القدرة على التفريع لا تكون إلا بمعرفة وجه الارتباط بين الاحكام الفرعية وادلتها «فالذي لا يهتدي إلى وجه الارتباط بين احكام الفروع وادلتها - التي هي أصول الفقه - لا يتسع له المجال ولا يمكنه التفريع عليها بحال».

لذلك كان طبيعيا أن لا يقصد إلى أن يكون كتابه مصنفا في اصول الفقه، او كتابا في القواعد أو الفروع. وإنما أراده كتابا يجمع بين الأصول والفروع في مسلك متميز - لم يجد من يسلكه من قبل - يبتغي الدلالة على الطريق، طريق معرفة بناء فروع الأحكام على أصولها، وذلك برد الجزئيات إلى الكليات ليتسنى التفريع وإمكان إيجاد لما يجد من حوادث لا تتناهى مع الزمن وذلك قوله:

(فبدأت بالمسألة الأصولية التي ترد اليها الفروع في كل قاعدة، وضمنتها ذكر الحجة الأصولية من الجانبين، ثم رددت الفروع الناشئة منها اليها، فتحرر الكتاب مع صغر حجمه حاويا لقواعد الأصول، جامعا لقوانين الفروع).


(١) انظر الكثير من النصوص في ضرورة العلم بالاختلاف عند ابن عبد البر (جامع بيان العلم ٢/ ٤٦).

<<  <   >  >>