وإنها فرصة سانحة للجامعات في البلاد الإسلامية والعربية للتصدي لمثل تلك الأفكار الهدامة التي يواجهها المسلمون في شريعتهم وتراثهم وفكرهم من قبل أغلب المستشرقين بأن يكون هناك أقسام خاصة في الجامعات تتولى الدراسات الغربية وهو ما يسمى بالاستغراب؛ لأن أفضل وسيلة للتخاطب مع هؤلاء المستشرقين والرد على ادعائهم ليس بالدفاع فقط ولكن بدراسة حياتهم الخاصة والعامة وتراثهم وثقافتهم لمعرفة نقاط الضعف والقوة.
فوجود مثل هذه المراكز والأقسام العلمية المتخصصة في دراسة الغرب قد يضفي نوعاً جديداً من طرق البحث العلمي عبر استخدام الوسائل العلمية المتاحة من خلال دراسات وثائقية واستطلاعية وعبر المشاركة بالملاحظة عن طريق الاندماج الفعلي في المجتمع فنحن أولى من يقوم بدراسة الغرب (شعوبه، تاريخه، أديانه، لغاته، أوضاعه الاجتماعية وعلاقاته الأسرية، مشكلاته الاقتصادية، وحضارته ...... ).
يقول الشيخ أحمد ديدات لأحد منسوبي قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة:"لا أدري ماذا تفعلون أنتم في هذا القسم، لعلكم تقرؤون كتابات المستشرقين الذين يتهمون الإسلام بشتى التهم وتبدؤون بالدفاع عن الإسلام، أو ما يسمى الدفاع التبريري". إلى أن قال:"علينا أن نترك هذا الأسلوب من العمل أي لا ننتظر حتى يهاجموا الإسلام أو المسلمين بل علينا أن نأخذ المبادرة".
ثم قال: ينبغي أن نخاطب الغرب قائلين لهم: "انظروا إلى أوضاعكم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إنكم تعيشون في ضنك مستمر وأزمات متواصلة. هذه حضارتكم قد حطّمت الأسرة؛ فالطلاق لديكم في ارتفاع مستمر، والزواج لم يعد زواجاً حقيقياً فقد ارتفعت نسبة الرجال الذين يعيشون مع نساء دون زواج. ويعاني أطفالكم من العيش بلا آباء، وسجونكم مليئة بالقتلة والمجرمين والمدمنين ومروجي المخدرات، وتعاني مجتمعاتكم من الشذوذ والإدمان على المخدرات والخمور، فماذا أنتم فاعلون لحل هذه المصائب؟ إن عليكم أن تعرفوا أن الحل لكل هذه الأزمات موجود في الإسلام".
فعلى سبيل المثال لا الحصر قضية حقوق المرأة حيث تبين للدارس المبتعث والمشارك لحياتهم عن قرب بأن موضوع حقوق المرأة ما هي إلا وسيلة للوصول إلى مبتغاهم من الدول غير الغربية، فالواقع لديهم ليس هناك تطبيق فعلي لحقوق المرأة كما هو مأمور به في الإسلام؛ بل إن كل ما يدعونه ويتغنون به حول تلك الحقوق ما هو إلا زيف وتزوير للحقائق فالواقع كما قيل (ليس راءٍ كمن سمع)(١).
(١) (الاستغراب) .. وإمكانية تدريسه في الجامعات السعودية د. علي بن عبدالرحمن الدعيج عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية.