للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: أهمية علم الاستغراب]

لمّا كانت الحضارة الغربية بشقيها الأوروبي والأمريكي هي السائدة والمتفوقة اليوم فمن الواجب على المسلمين أن يعرفوها معرفة وثيقة وعلمية.

ولقد أضاع المسلمون كثيراً من الوقت منبهرين بما حققه الغرب، دون أن يتأملوا ويدركوا سر حركة التاريخ في الغرب، فنرى بعضاً من الباحثين والمفكرين المسلمين بمختلف انتماءاتهم يجهلون حقيقة الحياة الغربية والحضارة الغربية بالرغم من أنهم يعرفونها نظرياً، كما أنهم ما زالوا يجهلون تاريخ حضارتها.

وإنه بدون معرفة حركة تاريخ هذه الحضارة والمنطق الداخلي الذي يحكمها، فإننا لن ندرك سر قوتها ولا مكامن ضعفها، ولن نعرف كيف تكوّنت، وكيف أنها في طريق التحلّل والزوال لِما اشتملت عليه من ألوان التناقض، وضروب التعارض مع السنن الإلهية. وتحديد الصلة بالغرب وبغيره من الكيانات الحضارية، يعطينا تحديدين مهمين:

التحديد الأول: هو التحديد السلبي، وذلك من خلال إدراك نسبية الظواهر الغربية، ومعرفة أوجه النقص فيها وأوجه القوة الحقيقية.

أما التحديد الثاني: فهو التحديد الإيجابي، من خلال تحديد ما يمكن أن نساهم به في ترشيد الحضارة الإنسانية وهدايتها (١).

وليكن معروفاً أن دراستنا للغرب يجب أن تتم وفق أسس معينه بحيث نفيد من معطيات الحضارة الغربية المعاصرة فيما لا يتعارض مع أسس الحضارة الإسلامية وثوابتها.

فالحدود الفاصلة بين المسلم وغيره واضحة جداً لدى المسلم، والحديث عن المسلم يحتاج إلى تحديد المعالم المميزة للنموذج الثقافي الإسلامي عن النموذج الغربي، والغير والآخر (٢) ليس هو فقط النصراني أو اليهودي أو المنافق بل الآخر أيضاً أناس من أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ويتسمون بأسمائنا ولكنهم اختاروا نهجاً يجعلهم أقرب إلى الآخر، فهم ليسوا في الصف الإسلامي وإن زعموا أنهم حريصون على مصالح الأمة.


(١) قراءة في كتاب (مقدمات الاستتباع)، د. بدران بن الحسن، موقع الإسلام اليوم.
(٢) هذا المصطلحات غير الشرعية؛ وأقصد بها الكفار؛ ولكن قد استخدمها للمخاطبة بالمصطلح المستخدم في هذا العلم.

<<  <   >  >>