للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا لأمر افترق فِيهِ الموضعان فقد أقررتم أَن الْعلَّة تَقْتَضِي الحكم فِي مَوضِع دون مَوضِع وَإِن كَانَت مَوْجُودَة فيهمَا على سَوَاء وَلنَا أَن نجيب عَن هَذَا الْكَلَام ونقول إِن الشَّرْط الْمَذْكُور فِي الحكم هُوَ مُتَأَخّر فِي اللَّفْظ مُتَقَدم فِي الْمَعْنى لِأَن معنى الْقيَاس لِأَنَّهُمَا حران مكلفان محقونا الدَّم قتل أَحدهمَا صَاحبه عمدا فَثَبت بَينهمَا الْقصاص وَذَلِكَ أَن قتل الْعمد لَهُ تَأْثِير فِي الْقصاص وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه وَإِن كَانَ ذكر فِي الحكم فَهُوَ مَذْكُور على أَنه من جملَة الْعلَّة

وَأما الإحتراس بِحَذْف الحكم فَهُوَ أَن يذكر الْمُعَلل الْعلَّة وَلَا يذكر الحكم لكنه يَقُول عقيب الْعلَّة فَأشبه الْفَرْع كَيْت وَكَيْت وَقد يفعل ذَلِك إِذا لم يُمكن التَّصْرِيح بالحكم وَقد قيل إِن هَذَا لَا يَصح لِأَن قَوْلنَا فَأشبه كَيْت وَكَيْت هُوَ حكم بِأَن الْفَرْع يشبه كَيْت وَكَيْت وَإِذا كَانَ ذَلِك حكما احْتَاجَ الْفَرْع إِلَى أصل يرد إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب القَوْل فِي الِاسْتِحْسَان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن المحكي عَن أَصْحَاب ابي حنيفَة القَوْل بالاستحسان وَقد ظن كثير مِمَّن رد عَلَيْهِم أَنهم عنوا بذلك الحكم بِغَيْر دلَالَة وَالَّذِي حصله متأخرو أَصْحَاب أبي حنيفَة رَحمَه الله هُوَ أَن الِاسْتِحْسَان عدُول فِي الحكم عَن طَريقَة إِلَى طَريقَة هِيَ أقوى مِنْهَا وَهَذَا اولى مِمَّن ظَنّه مخالفوهم لِأَنَّهُ الْأَلْيَق بِأَهْل الْعلم وَلِأَن أَصْحَاب الْمقَالة أعرف بمقاصد أسلافهم وَلِأَنَّهُم قد نصوا فِي كثير من الْمسَائِل فَقَالُوا استحسنا هَذَا الْأَثر ولوجه كَذَا فَعلمنَا أَنهم لم يستحسنوا بِغَيْر طَرِيق

وَالَّذِي يمْنَع من الحكم بِغَيْر طَرِيق أَن الحكم بِغَيْر طَريقَة إِمَّا أَن يكون حكما بالشهوة أَو بِأول خاطر أَو بِظَنّ الأمارة لَهُ وَذَلِكَ يَتَأَتَّى من الصَّبِي والعامي كَمَا يَتَأَتَّى من الْعَالم فَكَانَ يَنْبَغِي جَوَاز ذَلِك من هَؤُلَاءِ أَجْمَعِينَ وَكَانَ يَنْبَغِي ان

<<  <  ج: ص:  >  >>