للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوُجُود علته فاذا قوي علمنَا أَو ظننا لوجودها فِي الْفَرْع قوي علمنَا لقُوَّة أصل الْعلم وَإِذا كَانَ حكمهَا فِي الْفَرْع أولى صَار كَونهَا عِلّة أولى

وَأما التَّرْجِيح بِقُوَّة ثُبُوت الحكم فِي الأَصْل فنحو أَن يدل على الأَصْل دَلِيل قَاطع وَيدل على حكم الأَصْل الآخر أَمارَة وَإِنَّمَا كَانَ من قوي حكم أَصله أولى لِأَن الْوَصْف لَا يكون عِلّة حكم الأَصْل إِلَّا وَحكمه ثَابت فاذا كَانَ حكم أحد الْأَصْلَيْنِ أقوى ثبوتا كَانَ مَا يقعه من الْعلَّة وَمن حكم الْفَرْع أقوى ثبوتا

وَأما التَّرْجِيح بِكَوْن أحد الْحكمَيْنِ شَرْعِيًّا وَالْآخر عقليا فَصَحِيح لِأَن الْقيَاس الشَّرْعِيّ دلَالَة شَرْعِيَّة وَالْأولَى فِي الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة أَن تكون أَحْكَامهَا شَرْعِيَّة وَالْقِيَاس الَّذِي حكمه شَرْعِي هُوَ أَشد مُطَابقَة للأدلة الشَّرْعِيَّة

فان قيل كَيفَ يجوز أَن يسْتَخْرج من أصل عَقْلِي عِلّة شَرْعِيَّة قيل يجوز ذَلِك إِذا لم ينقلنا عَنهُ الشَّرْع فنستخرج الْعلَّة الَّتِي لَهَا لم ينقلنا عَنهُ الشَّرْع

فَأَما إِذا كَانَ أحد الْحكمَيْنِ نفيا وَالْآخر إِثْبَاتًا وَكَانَا شرعيين فقد ذطر قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله أَنه لَا يكون أَحدهمَا أولى من الآخر وَقد ذكرنَا فِي تَرْجِيح الْأَخْبَار أَنه لَا بُد فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات من أَن يكون أَحدهمَا عقليا وَالْآخر سمعيا

وَأما التَّرْجِيح بِكَوْن اُحْدُ الْحكمَيْنِ فِي الْفَرْع حظرا وَالْآخر إِبَاحَة فانه إِن كَانَ الْحَظ شَرْعِيًّا كَانَ أولى فَكَانَت علته لِأَن الحكم الشَّرْعِيّ أولى وَلِأَن الْأَخْذ بالحظر أحوط وَإِن كَانَ الْحَظْر عقليا فكونه حظرا جِهَة تَرْجِيح وَكَون الْإِبَاحَة شَرْعِيَّة جِهَة لترجيح الْإِبَاحَة فَالْوَاجِب الرُّجُوع إِلَى تَرْجِيح آخر وَلَا بُد فِي الْحَظْر وَالْإِبَاحَة من أَن يكون أَحدهمَا عقليا وَالْآخر شَرْعِيًّا على مَا بَيناهُ فِي الْأَخْبَار وَأما إِذا كَانَ حكم إِحْدَى العلتين الْعتْق وَحكم الْأُخْرَى الرّقّ فالمثبتة لِلْعِتْقِ أولى لِأَن تعلق الْحُرِّيَّة بالْقَوْل ثَابت بِالشَّرْعِ لَا بِالْعقلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>