للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ من هَذِه الْجِهَة حكم شَرْعِي وَلِأَن الْعتْق فِي الشَّرِيعَة فَوْقه من حَيْثُ لَا يلْحقهُ الْفَسْخ فَكَانَت علته أولى فَأَما إِذا كَانَ حكم أَحدهمَا فِي الْفَرْع إِسْقَاط الْحَد وَحكم الْأُخْرَى إثْبَاته فالشيخ أَبُو عبد الله رَحمَه الله يرجح الْمسْقط للحد لِأَنَّهُ قد أَخذ علينا إِسْقَاط الْحَد وَلِأَن الْعلَّة تَقْتَضِي حظره والحظر أولى وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله لَا تَرْجِيح بذلك بل يرجح المثبتة للحد لِأَنَّهُ حكم شَرْعِي وَيَقُول إِنَّمَا أَخذ علينا إِسْقَاط الْحَد من الْأَعْيَان وَلم يُؤْخَذ علينا إِسْقَاطه عَن جملَة الشَّرِيعَة

فَأَما التَّرْجِيح بِكَوْن اُحْدُ حكمي الْعلَّة أَزِيد من حكم الْأُخْرَى فَمثل أَن يكون حكم أَحدهمَا الْإِبَاحَة وَحكم الآخر النّدب فالتي حكمهَا النّدب أولى لِأَن النّدب يتَضَمَّن شَيْئا من معنى الإباجة الَّذِي هُوَ الْحسن وَيزِيد عَلَيْهِ فَكَانَ أولى إِذا كَانَت الزِّيَادَة شَرْعِيَّة

وَأما التَّرْجِيح بِشَهَادَة الْأُصُول فقد يُرَاد بِشَهَادَة الْأُصُول أَن يكون جنس ذَلِك الحكم ثَابتا فِي الْأُصُول مثل تَحْرِيم الْمثلَة فِي الْجُمْلَة فالعلة الْمُحرمَة لمثلة مَخْصُوصَة أولى لِأَن الشَّرِيعَة فِي الْجُمْلَة تشهد بهَا وَقد يُرَاد بِشَهَادَة الْأُصُول الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَهَذِه إِن كَانَت صَرِيحَة فَهِيَ الأَصْل فِي الدّلَالَة لَا يجوز وُقُوع التَّرْجِيح بهَا وَإِن مَسهَا احْتِمَال شَدِيد جَازَ تَرْجِيح الْقيَاس بهَا لوضوح دلَالَة الْقيَاس على دلالتها وَيَقَع التَّرْجِيح بقول الصَّحَابِيّ لِأَنَّهُ أعرف بمقاصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَكَذَلِكَ إِذا عضدت الْعلَّة عِلّة كَمَا ترجح أَخْبَار الْآحَاد بَعْضهَا بِبَعْض وكما يرجح الْخَبَر على خبر آخر بِكَثْرَة الروَاة وَلما تقدم كَانَت الْعلَّة الَّتِي لَا تخصص الْعُمُوم أولى من الَّتِي تخصه لِأَن لفظ الْعُمُوم قد شهد لَهَا

وَذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح أَن هَذَا مُخَالف لما ذَكرْنَاهُ من شَهَادَة الْأُصُول لِأَن كلا المعللين قد اتفقَا على مُطَابقَة ذَلِك الأَصْل لإحدى العلتين وَلم يَقع الِاتِّفَاق مِنْهُمَا على ذَلِك فِي هَذَا الْموضع لِأَن أحد المعللين يَقُول مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>