للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ الله عز وَجل بِالْعُمُومِ مَا تناولته الْعلَّة المخصصة وَلقَائِل أَن يَقُول إنَّهُمَا سَوَاء لِأَن أحد المعللين وَإِن لم يقل ذَلِك فان الْعُمُوم يشْهد لمطابقة إِحْدَى العلتين فَكَانَت أولى وَإِذا اقْترن بِالْقِيَاسِ خبر وَاحِد مُحْتَمل فقد قَالَ إِنَّه يرجح بِهِ مَعَ أَن الْخصم يُمكنهُ أَن يَقُول فِي الْمُحْتَمل إِنَّه مَا أُرِيد بِهِ مَا يُخَالف علتي وَقَوله فِي الْمُحْتَمل أمكن من قَوْله فِي الْعُمُوم

وَأما التَّرْجِيح بِلُزُوم الحكم لِلْعِلَّةِ فِي الْفُرُوع كلهَا دون الْأُخْرَى فبعض من أجَاز تَخْصِيص الْعلَّة لَا يرجح بذلك وَبَعْضهمْ يرجح بِهِ وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن لُزُوم الحكم لَهَا يكسبها شبها بالعقليات وَيُؤذن بلزومه لَهَا فِي الأَصْل

فَأَما التَّرْجِيح بِمَا يرجع إِلَى الأَصْل فبأن تكون إِحْدَى العلتين منتزعة من أصُول كَثِيرَة وَالْأُخْرَى منتزعة من أقل من تِلْكَ الْأُصُول فقد اخْتلف فِي ذَلِك فَمن النَّاس من رجح بذلك وَمِنْهُم من لم يرجح بِهِ وَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله لَا يرجح بِهِ إِذا كَانَت طَريقَة التَّعْلِيل وَاحِدَة وَإِن كَانَت طَرِيقَته غير وَاحِدَة رجح بِهِ أما أَنه إِذا كَانَت علل تِلْكَ الْأُصُول كَثِيرَة وأماراتها مُخْتَلفَة فالترجيح يَقع بذلك لشهادة الْعِلَل وأماراتها بَعْضهَا لبَعض وَيكون التَّرْجِيح وَاقعا حِينَئِذٍ بِشَهَادَة الْعِلَل بَعْضهَا لبَعض وَأما إِذا كَانَت الْعلَّة وَاحِدَة وأماراتها وَاحِدَة فانه إِن كَانَ الأَصْل نوعا وَإِنَّمَا أشخاصه كَثِيرَة فانه لَا يرجح فِي ذَلِك لِأَن النَّوْع وَاحِد وعَلى أَنا لَا نعلم أَن آحَاد بعض النَّوْع أَكثر من آحَاد النَّوْع الآخر وَإِن كَانَت الاصول أنواعا كَثِيرَة وَقع التَّرْجِيح بهَا وَإِن كَانَت علتها وَاحِدَة لِأَنَّهُ تكون الْأُصُول الْكَثِيرَة شاهدة لإحدى العلتين وَيكون حكمهَا أَكثر ثبوتا فِي الْأُصُول من حكم الْأُخْرَى وَذَلِكَ مقو للظن

وَأما تَرْجِيح الْعلَّة الرَّاجِع إِلَى فروعها فَأن تكون فروع إِحْدَى العلتين أَكثر من فروع الْأُخْرَى وَقد رجح بذلك قوم وَكَذَلِكَ الْعلَّة المتعدية وَلم يرجح بِهِ آخَرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>