للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِزَالَة النَّجَاسَة فِي أَن انكشاف قدر الدِّرْهَم من الْعَوْرَة الْمُغَلَّظَة يفْسد الصَّلَاة أولى من الرَّد إِلَى غير ذَلِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَن الْمُجْتَهد هَل يجوز أَن يعتدل عِنْده الأمارات فِي الْمَسْأَلَة أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أجَاز شيخانا أَبُو عَليّ وَأَبُو هَاشم ذَلِك وَقَالا يكون الْمُجْتَهد عِنْد تَسَاوِي الأمارتين مُخَيّرا بَين حكميهما وَمِنْه شَيخنَا أَبُو الْحسن من ذَلِك وَقَالَ لَا بُد من تَرْجِيح

وَحجَّة من أجَاز ذَلِك هِيَ أَن من منع من ذَلِك إِمَّا أَن يمْنَع مِنْهُ من جِهَة الْعقل بِأَن يَجْعَل اسْتِحَالَة ذَلِك كاستحالة لَا تعادل الدّلَالَة والشبهة حَتَّى تَكُونَا جَمِيعًا صحيحتين أَو يمْنَع من ذَلِك لدَلِيل سَمْعِي وَالْوَجْه الأول بَاطِل لأَنا لَا نجد فِي الْعقل مَا يحِيل تَسَاوِي الأمارتين فِي الْقُوَّة فَكَانَ ذَلِك من مجوزات الْعُقُول أَلا ترى أَنه لَا يمْتَنع عندنَا أَن يخبر اثْنَان باثبات الشَّيْء ونفيه وَيَسْتَوِي عندنَا عدالتهما وَصدق لهجتهما وتتعارض الأمارات الدَّالَّة على جِهَة الْقبْلَة ثمَّ لَيْسَ يُؤثر سُقُوط فرض التَّوَجُّه فِي بعض الْمَوَاضِع فِيمَا ذَكرْنَاهُ من جَوَاز كَون الأمارات مُتَسَاوِيَة فِي الْقُوَّة فَالْفرق بَين الأمارات فِي ذَلِك وَبَين الْأَدِلَّة أَن الْأَدِلَّة يجب أَن يكون مدلولها على مَا دلّت عَلَيْهِ فَلَو كَانَ مَا يدل على الشَّيْء وَمَا يدل على نَفْيه متساويين فِي أَنفسهمَا لَكَانَ الدليلان صَحِيحَيْنِ وَفِي ذَلِك حُصُول مدلوليهما جَمِيعًا النَّفْي النَّفْي والاثبات كالدليل الدَّال على أَن الله سُبْحَانَهُ يَسْتَحِيل أَن يرى والشبهة الْمُوجبَة أَن يرى وَأما الأمارة فَلَيْسَ يجب أَن يتبعهَا مدلولها بل قد تُوجد الأمارة الْأَقْوَى وَلَا يتبعهَا مدلولها كالغيم الكثيف الرطب فِي زمَان الشتَاء فَلَا يتبعهُ الْمَطَر وَيتبع الأمارة الضعيفة مدلولها كالغيم الْخَفِيف وَقد يخبر الرجل الْمَعْرُوف بِالصّدقِ فيكذب وَقد يخبر الرجل الْمَعْرُوف بِالْكَذِبِ فَيصدق فِي ذَلِك الْخَبَر وَلَيْسَ فِي تَسَاوِي الأمارتين فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>