للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُوَّة مَا يُوجب حُصُول مدلولهما وَلَو وَجب حُصُول مدلولهما وَهُوَ صِحَة عِلّة التَّحْرِيم وَصِحَّة عِلّة الْإِبَاحَة لم يلْزم مِنْهُ حُصُول التَّحْرِيم وَالْإِبَاحَة على شخص وَاحِد بل كَانَ يلْزمه التَّخْيِير لَيْسَ فِي ذَلِك ثُبُوت النقيضين وَأما إِن منع من تعادل الأمارتين لدَلِيل سَمْعِي وَهُوَ أَنَّهُمَا للو تعادلا فِي الْقُوَّة لم يكن الحكم باحداهما أولى من الْأُخْرَى وَفِي ذَلِك إِثْبَات حكميهما إِمَّا على الْجمع وَذَلِكَ غير مُمكن وَإِمَّا على التَّخْيِير وَالْأمة مجمعة على أَن الْمُكَلّفين غير مخيرين فِي مسَائِل الِاجْتِهَاد بَاطِل لِأَن تعادل الأمارتين كَلَفْظِ التَّخْيِير فِي الدّلَالَة على التَّخْيِير لِأَنَّهُ إِذا لم يكن حكم إِحْدَاهمَا أولى من حكم الْأُخْرَى وَلم يُمكن الْجمع فَلَيْسَ إِلَّا التَّخْيِير وَقد يثبت التَّخْيِير من غير لفظ لِأَن من مَعَه مِائَتَان من الْإِبِل فَهُوَ مُخَيّر بَين اداء أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون وَلَيْسَ فِي ذَلِك لفظ التَّخْيِير وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كل أَرْبَعِينَ ابْنة لبون وَفِي كل خمسين حقة

إِن قيل هَذَا يقوم مقَام لفظ التَّخْيِير قيل فَكَذَلِك تعادل الأمارتين

وَأما قَوْله إِن الْأمة مجمعة على أَن الْمُكَلّفين غير مخيرين فِي مسَائِل الِاجْتِهَاد فان عنوا جَمِيع الْمسَائِل الْمَاضِيَة من مسَائِل الِاجْتِهَاد والمستقبلة لم نسلم ذَلِك وَإِن ارادوا الْمسَائِل الْمَاضِيَة دون الْمُسْتَقْبلَة لم نسلم أَيْضا لِأَن عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري خير بَين غسل الرجلَيْن ومسحهما وَهُوَ مَذْهَب الْحسن الْبَصْرِيّ وَالشَّافِعِيّ يَقُول بقولين فِي الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة وَيَقُول بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا وَجه قَالُوا وَلَو تتبعنا مَا ذَكرُوهُ من الْإِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة الْمَاضِيَة لم يمْنَع ذَلِك من صِحَة التَّخْيِير فِي الْحَوَادِث الْمُسْتَقْبلَة قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن يحْتَج بِأَن تعادل الأمارتين يَقْتَضِي التَّخْيِير بَين الْحكمَيْنِ وَلَا لفظ للتَّخْيِير وَالْأمة مجمعة على بُطْلَانه وَقد أُجِيب عَنهُ مَا ذَكرْنَاهُ وَله أَن يحْتَج بِمَا هُوَ جَوَاب عَن دلَالَة مَخْصُوصَة فَيَقُول لَو تعادلت الأمارتان لَأَدَّى إِلَى الشَّك فِي الحكم وَذَلِكَ لَا يجوز وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه يُؤَدِّي إِلَى الشَّك لِأَن الرجلَيْن المتساويين فِي الصدْق لَو

<<  <  ج: ص:  >  >>