للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمارات الدَّالَّة على أَن الْكَيْل عِلّة للأمارات الدَّالَّة على أَن الطّعْم علته لم يَجْعَل لنا الظَّن بِأَن أَحدهمَا عِلّة وَلَا الظَّن بِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا عِلّة وَمَعَ انْتِفَاء الظَّن لكَون الْوَصْف عِلّة لَا يجوز أَن يعلق الحكم بِهِ

وَأَيْضًا فالتخيير بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات لَا يَصح إِلَّا على معنى الْإِبَاحَة وَذَلِكَ كالتخيير بَين أَن يكون الْفِعْل مَحْظُورًا أَو مُبَاحا أَو وَاجِبا أَو غير وَاجِب لِأَنَّهُ إِذا خير الْإِنْسَان بَين الْحَظْر وَالْإِبَاحَة وَقيل إِن شِئْت فافعله وَإِن شِئْت فَلَا تَفْعَلهُ فقد ابيح الْفِعْل إِذْ لَيْسَ للْإِبَاحَة معنى سوى ذَلِك فان قيل الْفرق بَين ذَلِك وَبَين الْإِبَاحَة معنى سوى ذَلِك وَهُوَ أَن الْإِبَاحَة هِيَ تَخْيِير بَين الْفِعْل والكف عَنهُ على الْإِطْلَاق وَفِي هَذَا الْموضع إِنَّمَا قيل للمكلف افْعَل إِن اعتقدت كَون الْفِعْل مُبَاحا وَلَا تفعل إِن اعتقدت حظره قيل أَلَيْسَ الِاعْتِقَاد لحظره وإباحته علما فَمن قَوْلهم نعم فَيُقَال لَهُم فَمَا الطَّرِيق إِلَى كَون ذَلِك علما فان قَالُوا ثُبُوت الأمارة مَعَ الدّلَالَة الدَّالَّة على وجوب الحكم بالأمارة قيل وَفِي القَوْل الآخر مثل هَذِه الدّلَالَة وَكَيف يجوز أَن تَقولُوا إِن الطَّرِيق إِلَى الْعلم بِالْإِبَاحَةِ مَا ذكرْتُمْ وَأَنْتُم تجوزون لَهُ أَن لَا يعْتَقد الْإِبَاحَة ويعتقد الْحَظْر فان قَالُوا الطَّرِيق إِلَى الْعلم بِالْإِبَاحَةِ أَو إِلَى الْعلم بالحظر أَن يخْتَار الْمُكَلف اعْتِقَاد أَحدهمَا قيل اخْتِيَار الْإِنْسَان أَن يعْتَقد شَيْئا لَيْسَ يدل على صِحَة معتقده فَيكون اعْتِقَاده علما إِذْ لَيْسَ لَهُ تعلق بالأدلة وَلَو جَازَ ذَلِك لجَاز أَن تخْتَار الاعتقادات فَتَصِير باختيارنا علوما وَكَيف يجوز ذَلِك مَعَ أَن الْإِنْسَان قد يخْتَار الصَّحِيح كَمَا يخْتَار الْفَاسِد وَلَيْسَ مَعَ الِاخْتِيَار من الدّلَالَة مَا يخْتَص أحد الاعتقادين دون الاخر فان قَالُوا إِنَّمَا دلّت على حسن الْفِعْل بِالشّرطِ أَن يخْتَار الْمُكَلف اعْتِقَاده قيل الدّلَالَة الدَّالَّة على الْحسن والقبح لَا تعلق لَهَا بِالِاخْتِيَارِ فَفَارَقَ ذَلِك جَمِيع شُرُوط الْأَدِلَّة وَأَيْضًا فَحسن الِاخْتِيَار للاعتقاد تَابع لحسن الِاعْتِقَاد لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحسن أَن نعتقد مَا هُوَ صَحِيح فِي نَفسه فالاختيار تَابع لما هُوَ تَابع للمعتقد وهم عكسوا الْقَضِيَّة فَجعلُوا الِاعْتِقَاد تَابعا للاختيار وَجعلُوا صِحَة المعتقد تَابعا للاعتقاد وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ يَقْتَضِي أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>