للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَاميّ إِذا أفتاه مفت بالحظر وَأَفْتَاهُ آخر بِالْإِبَاحَةِ وَقُلْنَا إِنَّه يجب عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِيهَا فانه إِذا اجْتهد فيهمَا فَلَا بُد من أَن يتَرَجَّح عِنْده أَحدهمَا على الآخر فان قيل هلا قُلْتُمْ أَنه يصير الْفِعْل مُبَاحا إِذا تَسَاويا عِنْد الْإِنْسَان قيل لَو جَعَلْنَاهُ مُبَاحا لَكنا قد علمنَا على أَمارَة الْإِبَاحَة مَعَ مُسَاوَاة أَمارَة الْحَظْر لَهَا وَلَيْسَ يجوز ذَلِك لِأَنَّهُمَا إِذا تَسَاويا عِنْده وَجب الشَّك على مَا ذَكرْنَاهُ وَالْعَمَل فِي هَذِه الْمسَائِل يتبع الظَّن لَا الشَّك وَأما إِن لم يلْزم المستفتي الِاجْتِهَاد فيهمَا فَلَا بُد من القَوْل بِأَنَّهُ يصير الْفِعْل مُبَاحا وَلَيْسَ هُنَاكَ اجْتِهَاد فِي أمارتين فَيمْتَنع مَعَ تساويهما عِنْد الْمُجْتَهد أَن يحكم بِحكم أَحدهمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِيمَا يَصح أَن يَقُوله الْمُجْتَهد من الْأَقَاوِيل وَمَا لَا يَصح وَهل يَصح أَن يُقَال لَهُ فِي الْمَسْأَلَة قَولَانِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن الْأَقَاوِيل المتناقضة لَا يَصح أَن يعتقدها أحد من النَّاس نَحْو أَن يعْتَقد أَن العفل حرَام عَلَيْهِ فِي وَقت مَخْصُوص فِي مَكَان مَخْصُوص على وَجه مَخْصُوص ويعتقد مَعَ هَذَا الِاعْتِقَاد أَن ذَلِك الْفِعْل حَلَال لَهُ على هَذِه الشُّرُوط فَأَما اعْتِقَاد وجوب فعلين ضدين على الْبَدَل والتخيير فَغير مُمْتَنع نَحْو أَن يعْتَقد أَن الْخُرُوج من الدَّار يجب من كلا بابيها على التَّخْيِير وَنَحْو الصَّلَاة فِي أَمَاكِن متضادة وَيجوز أَن يعْتَقد مُعْتَقد الِاعْتِدَاد بالأطهار وَالْحيض على الْبَدَل لِأَنَّهُ لَا تنَافِي فِي ذَلِك

وَذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الْعمد أَنه يَصح أَن يعْتَقد الْإِنْسَان إِثْبَات الحكم ونفيه وَكَون الْعِبَادَة وَاجِبَة ومستحبة وَكَون الْفِعْل حسنا وقبيحا كل ذَلِك على الْبَدَل وَمنع فِي الشَّرْح من دُخُول التَّخْيِير بَين الْمُسْتَحبّ والمباح قَالَ لِأَن لأَحَدهمَا مدخلًا فِي التَّعَبُّد دون الآخر فان قَالَ أُرِيد لَهُ أَن يفعل الْمُسْتَحبّ وَلَا يَفْعَله فَهُوَ صَحِيح كَانَ التَّخْيِير أَو لم يكن قَالَ وَأما التَّخْيِير

<<  <  ج: ص:  >  >>