بَين الْوَاجِب وَالْمُسْتَحب فبعيد لِأَن ذَلِك يقْدَح فِي كَون الْوَاجِب وَاجِبا
وَأما نَحن فقد بَينا فِي الْبَاب الْمُتَقَدّم القَوْل فِي ذَلِك فَأَما مَا يعزى إِلَى الشَّافِعِي من الْقَوْلَيْنِ فَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن ذَلِك يَصح من وُجُوه ثَلَاثَة
أَحدهَا أَنه يتكافى عِنْده أمارتا الْقَوْلَيْنِ فَيَقُول بهما على التَّخْيِير وَالْآخر أَن يكون قد فسد عِنْده مَا عداهما وَلَا يدْرِي ايهما الْحق من غير أَن يقويا وَالْآخر أَن يَكُونَا قد قَوِيا عِنْده قُوَّة مَا وَله فيهمَا نظر وَفَسَد مَا عداهما فَيُقَال لَهُ فِيهَا قَولَانِ على معنى أَنَّهُمَا قولاه اللَّذَان قواهما على مَا عداهما
وَلقَائِل أَن يَقُول أما تكافي الأمارتين فِي قَوْلَيْنِ نفي وَإِثْبَات وَالْقَوْل بِأَن الْمُكَلف يكون مُخَيّرا فيهمَا فقد بَينا أَنه لَا يَصح نَحْو مَا يَقُوله فِيمَا سقط من شعر اللِّحْيَة عَن الْوَجْه أَن فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحدهمَا يجب غسله فِي الْوضُوء وَالْآخر لَا يجب وَأما تكافي الأمارتين فِي فعلين غير متنافيين نَحْو الِاعْتِدَاد بالأطهار وبالحيض فقد كَانَ يَصح التَّخْيِير بَين ذَلِك كَمَا يَصح التَّخْيِير بَين الْكَفَّارَات الثَّلَاث إِلَّا أَنه لَا يُقَال لمن اعْتقد التَّخْيِير فِي ذَلِك إِن لَهُ فِي الْمَسْأَلَة قَوْلَيْنِ بل قَول وَاحِد وَهُوَ القَوْل بالتخيير فانه مَا من أحد يَقُول إِن للْمُسلمين فِي كَفَّارَة الْيَمين ثَلَاثَة أقاويل أَحدهمَا أَن يكفر بِالْعِتْقِ وَالْآخر بالكسوة وَالْآخر بِالْإِطْعَامِ وَإِن لَهُم فِي الصَّلَاة فِي الْبِقَاع أقاويل كَثِيرَة وَفِي الْخُرُوج من دَار مَغْصُوبَة ذَات بَابَيْنِ قَولَانِ وَأما الْوَجْهَانِ الْآخرَانِ فالمرجع بهما إِلَى أَنه شَاك فِي قَوْلنَا وَمن شكّ فِي شَيْئَيْنِ وَجوز كل وَاحِد مِنْهُمَا بَدَلا من الآخر لَا يكون لَهُ قَول فِي الْمَسْأَلَة أصلا فضلا أَن يُقَال لَهُ فِيهَا قَولَانِ فان من شكّ فِي أَن الْعَالم مُحدث أَو قديم لَا يُقَال لَهُ فِي الْعَالم قَولَانِ على أَنه قد قَالَ قولا نفيا وإثباتا لَا متوسط بَينهمَا فَلَا يُمكن أَن يُقَال قد فسد مَا عداهما وَتوقف فِي الصَّحِيح مِنْهُمَا نَحْو غسل مَا سقط عَن الْوَجْه من اللِّحْيَة
فَأَما مَا يحْكى عَن الشَّافِعِي من الْقَوْلَيْنِ فَيَنْبَغِي أَن يُقَال إِن الشَّافِعِي إِذا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute