لقبح الْإِقْدَام والإخلال قيل لَهُم ارأيتم لَو أقدم الْمُكَلف على الْمَنَافِع أَو أخل بهَا كَانَ يحسن ذمه فان قَالُوا لَا نَدْرِي كَانُوا قد جوزوا حسن الذَّم على مَا لَا يُمكن انفكاك مِنْهُ وَمَعْلُوم بطلَان ذَلِك وَإِن قَالُوا كَانَ لَا يحسن الذَّم قيل لَهُم فاذا لم يَنْفَكّ الشَّرْع عَن عقل حسن من الْمُكَلف الْإِقْدَام وَحسن الإحجام وَأَيْضًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَقُولُوا إِن الْمُكَلف يلْزمه الْإِخْلَال بالمنافع قبل الشَّرْع لأَنهم قد أقرُّوا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَن يقبح الْإِقْدَام بِأولى من أَن يقبح الإحجام وَأَيْضًا فان الانفكاك من شرع لَا يُؤَدِّي إِلَى الْفساد الَّذِي ذَكرُوهُ لِأَن الْمُكَلف يَقُول إِن لي إِلَهًا حكيما وَلَيْسَ يجوز أَن يجب عَليّ الانفكاك من الْإِقْدَام على الْمَنَافِع وَمن الإحجام عَنْهَا لِأَن ذَلِك يَسْتَحِيل فاذا لَيْسَ يجْتَمع الْإِقْدَام والإخلال بهَا فِي الْقبْح وَلَو انْفَرد أَحدهمَا بالْحسنِ دون الآخر لوَجَبَ فِي حِكْمَة الْمُكَلف أَن يفرق لي بَينهمَا بِدَلِيل عَقْلِي أَو سَمْعِي إِذْ كنت لَا أعرف ذَلِك ضَرُورَة وَلَيْسَ فِي الْعقل تَجْوِيز كَون أَحدهمَا مفْسدَة دون الآخر وَإِذا لم يفرق لي بَينهمَا فَلَيْسَ ينْفَرد أَحدهمَا بالْحسنِ دون الْقبْح وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقبْح فاذن يَجْتَمِعَانِ فِي الْحسن وَأَيْضًا فان كَانَ انفكاك الْعقل من سمع يُؤَدِّي إِلَى هَذَا الْمحَال فَمَا يصنع النَّاظر عِنْد ابْتِدَائه بِالنّظرِ قبل وُصُوله إِلَى النّظر فِي النبوات
فإمَّا القَوْل بِأَن الْإِقْدَام على الْمَنَافِع قَبِيح لِأَنَّهُ تصرف فِي ملك الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه فان قاسوه على تصرف بَعْضنَا على ملك بَعْص بِغَيْر إِذْنه فَبَاطِل لِأَن فِي الِامْتِنَاع عَنْهَا إِضْرَار بِالنَّفسِ وَهُوَ تصرف فِي ملك الله بِغَيْر إِذْنه فَيجب قبح الْإِقْدَام وَذَلِكَ محَال وَأَيْضًا فَمَعْنَى الْملك فِينَا وَفِي ملك الله تَعَالَى يخْتَلف وَالْجمع بِهِ بَين ملك الله تَعَالَى وملكنا جمع بِغَيْر عِلّة وَاحِدَة وَذَلِكَ أَن معنى كوننا مالكين للشَّيْء هُوَ أَنا أَحَق بِالِانْتِفَاعِ بِهِ من غَيرنَا على الْإِطْلَاق وَذَلِكَ مُسْتَحِيل على الله تَعَالَى وَمعنى كَونه مَالِكًا للشَّيْء هُوَ أَنه قَادر على إيجاده وإفنائه فان قَالُوا بل معنى كَونه مَالِكًا للمنافع هُوَ أَنه لَيْسَ لغيره التَّصَرُّف فِيهَا إِلَّا بلإذنه وَله الْمَنْع مِنْهَا قيل هَذَا تَعْلِيل الحكم بِنَفسِهِ وَمَعَ ذَلِك فَلم نسلم