وَنزل إِلَى الثرى إِذْ هى أدنى الدَّرَجَات بِالنِّسْبَةِ إِلَى رتبته فِي جانبى النُّزُول والرفعة لما ذَكرْنَاهُ وخصص النُّزُول بالليالى دون الْأَيَّام من حَيْثُ إِنَّهَا مَظَنَّة الخلوات وَوقت التضرع والدعوات لخالق البريات وَقد قيل إِنَّه يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بنزول الله نزُول ملك لله تجوزا واستعارة كَمَا قَالَ {واسأل الْقرْيَة} أَي أهل الْقرْيَة وَكَقَوْلِه {الَّذين يحادون الله وَرَسُوله} أَي أولياءه وَيَقُول على لِسَانه هَل من تائب فأتوب عَلَيْهِ هَل من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ وَذَلِكَ كَمَا يُقَال نَادَى الْملك وَقَالَ الْملك كَذَا على كَذَا وَإِن كَانَ المنادى وَالْقَائِل بذلك القَوْل غَيره
وَلَيْسَ تَأْوِيل هَذِه الظَّوَاهِر وَحملهَا على هَذِه المحامل بمستبعد كَمَا حمل قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم} وَقَوله {مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم وَلَا خَمْسَة إِلَّا هُوَ سادسهم} على معنى الْحِفْظ وَالرِّعَايَة وكما حمل قَوْله عز وَجل على مَا أخبر بِهِ نبيه عَلَيْهِ السَّلَام من اتانى مَاشِيا أتيت إِلَيْهِ هرولة على معنى التطول والإنعام فَإِن لم يقل بالتأويل ثمَّ وَجب الا يُقَال بِهِ هَهُنَا وَإِن قيل بِهِ هَهُنَا وَجب القَوْل بِهِ ثمَّ إِذْ لَا فَارق بَين الصُّورَتَيْنِ وَلَا فاصل بَين الْحَالَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute