وَأما السُّؤَال الثَّالِث
فقد اضْطَرَبَتْ آراء الْمُتَكَلِّمين فِيهِ
فَذَهَبت الْمُعْتَزلَة إِلَى أَن الصّفة هى نفس الْوَصْف وَالْوَصْف هُوَ خبر الْخَبِير عَمَّن اخبر عَنهُ بِأَمْر مَا كَقَوْلِه إِنَّه عَالم أَو قَادر أَو أَبيض أَو أسود وَنَحْوه وَأَنه لَا مَدْلُول للصفة وَالْوَصْف إِلَّا هَذَا ولربما احْتَجُّوا فِي ذَلِك بِأَنَّهُ لَو خلق الله تَعَالَى الْعلم أَو الْقُدْرَة أَو غَيرهمَا من الصِّفَات لبَعض الْمَخْلُوقَات لم يَصح تَسْمِيَته باعبتار ذَلِك واصفا وَلَو أخبر عَنهُ بِأَنَّهُ عَالم أَو قَادر أَو غير ذَلِك صَحَّ القَوْل بتسميته واصفا وَالصّفة يجب أَن تكون مَا يكون بهَا الواصف واصفا وَلَيْسَ على هَذَا النَّحْو غير القَوْل والإخبار وَلَعَلَّ مِنْهُم من يسْتَند فِي ذَلِك إِلَى النَّقْل عَن أهل الْوَضع أَنهم قَالُوا الْوَصْف وَالصّفة بِمَعْنى وَاحِد كَمَا يُقَال الْوَجْه والجهة والوعد وَالْعدة وَإِذا كَانَ كَذَلِك فالوصف هُوَ القَوْل وَالصّفة هى القَوْل لكَونهَا فِي مَعْنَاهُ ثمَّ بنوا على ذَلِك انْتِفَاء الصِّفَات عَن البارى تَعَالَى فِي الْأَزَل لضَرُورَة اسْتِحَالَة القَوْل بِوُجُود الواصف فِي الْقدَم
وَأما مُعْتَقد أهل الْحق فالصفة هى مَا وَقع الْوَصْف مشتقا مِنْهَا وَهُوَ دَال عَلَيْهَا وَذَلِكَ مثل الْعلم وَالْقُدْرَة وَنَحْوه فَالْمَعْنى بِالصّفةِ لَيْسَ إِلَّا هَذَا الْمَعْنى وَالْمعْنَى بِالْوَصْفِ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute