التَّعَرُّض لإثباته ونفيه وَإِلَّا كَانَ وجود البارى تَعَالَى غير مَعْلُوم ولتعذر القَوْل بإثباته فصفة الْإِرَادَة لواجب الْوُجُود وَإِن لم تكن مجانسة لصفة الْإِرَادَة شَاهدا فَلَا محَالة أَن نسبتها إِلَى ذَات وَاجِب الْوُجُود كنسبة الْإِرَادَة شَاهدا إِلَى النَّفس الناطقة الإنسانية من التَّعَلُّق والمتعلقات وكل عَاقل يقْضى ببديهته إِن الإراده شَاهدا بِالنِّسْبَةِ الى محلهَا كَمَال لَهُ وان عدمهَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ نُقْصَان (و) يُوجب ان مَا كَانَت نسبته إِلَى وَاجِب الْوُجُود كنسبة الْإِرَادَة على محلهَا شَاهدا أَن يكون كمالا لذات وَاجِب الْوُجُود وان عَدمه يكون نُقْصَانا فَلَو لم نقل بِثُبُوت لذات وَاجِب الْوُجُود لوَجَبَ أَن يكون وَاجِب الْوُجُود نَاقِصا فِي رتبته بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُتْبَة الْمَخْلُوق من جِهَة أَن كَمَال الْمَخْلُوق حَاصِل لَهُ وَكَمَال الْخَالِق غير حَاصِل لَهُ
فَإِن قيل لَو سلمنَا بِثُبُوت صفة الْإِرَادَة فِي حق البارى تَعَالَى فَمَا الْمَانِع من ان تكون أمرا سلبيا وَمعنى عدميا كَمَا قَالَه الفلاسفة والنجار من الْمُعْتَزلَة
قُلْنَا لِأَن السَّلب عدم مَحْض وَذَلِكَ لَا تَأْثِير لَهُ فِي التَّمْيِيز والتخصيص إِذْ مَا لَيْسَ بشئ لَا يكون مستوعبا لما هُوَ شئ وَلِأَنَّهُ لَا فرق إِذْ ذَاك بَين قَوْلنَا إِنَّه لَا مُمَيّز وَبَين قَوْلنَا إِن الْمُمَيز عدم ثمَّ كَيفَ يَصح تَفْسِير الْإِرَادَة بِعَدَمِ الْإِكْرَاه وَهُوَ منتقض طردا وعكسا
أما الطَّرْد فَهُوَ أَن كثيرا مَا الْأَشْيَاء قد تنتفى عَنهُ الْكَرَاهِيَة وَلَا مُوجب لكَونه مرِيدا وَذَلِكَ كَمَا فِي الجماد بل الْإِنْسَان فِي غَالب أَحْوَاله كَمَا فِي حَالَة النّوم والغفلة فَإِنَّهُ لَا يُوصف فِيهَا بِكَوْنِهِ كَارِهًا وَلَا مرِيدا