وَأما الْعَكْس فَهُوَ أَن الْإِنْسَان قد يُوصف بالإرادة لما هُوَ كَارِه لَهُ كَمَا فِي حَالَة شرب الدَّوَاء المسهل وَنَحْوه
فَإِن قيل تَفْسِيرهَا بِالْعدمِ وَإِن كَانَ مُمْتَنعا فَمَا الْمَانِع من أَن تكون لَا مَوْجُودَة وَلَا مَعْدُومَة كَمَا يَقُوله مثبتو الْأَحْوَال
فقد أَشَرنَا إِلَى وَجه إفساده فِيمَا مضى فَلَا حَاجَة إِلَى اعادته فَإِن قيل فَلَو سلم أَنَّهَا صفة وجودية فَلم يجب أَن تكون قَائِمَة بِذَات الرب تَعَالَى وَمَا الْمَانِع من أَن تكون قَائِمَة لَا فِي ذَاته كَمَا هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين من الْمُعْتَزلَة
قُلْنَا لَو لم تكن قَائِمَة بِذَاتِهِ لم يخل إِمَّا أَن تكون قَائِمَة فِي مَحل أَو لَا فِي مَحل فَإِن كَانَت قَائِمَة فِي مَحل فالمحل إِمَّا قديم أَو حَادث فَإِن كَانَ حَادِثا فَهُوَ لَا محَالة مفتقر فِي وجوده إِلَى مُخَصص والمخصص إِمَّا نفس مَا قَامَ بِهِ من الْإِرَادَة اَوْ أُخْرَى غَيرهَا لَا جَائِز أَن تكون نَفسهَا وَإِلَّا أفْضى إِلَى الدّور من جِهَة توقف كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه وَلَا جَائِز أَن يُقَال بِإِرَادَة أُخْرَى غَيرهَا وَإِلَّا أفْضى إِلَى التسلسل من جِهَة أَن الْكَلَام فِي الْمُخَصّص الثَّانِي كَالْكَلَامِ فِي الأول ثمَّ إِنَّه لَيْسَ القَوْل بنسبتها إِلَى البارى بِكَوْنِهِ مرِيدا لَهَا بِأولى من نسبتها الى محلهَا بل هُوَ أولى
وَكَذَا الْكَلَام فِيمَا إِذا كَانَ قَدِيما أَيْضا وَأما إِن كَانَت قَائِمَة لَا فِي مَحل فقد قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute