فَالرَّأْي الْحق أَن يُقَال لَو كَانَت مُتعَدِّدَة ومتكثرة لم تخل تِلْكَ المتكثرات إِمَّا أَن تخْتَلف من كل وَجه اَوْ تتحد من كل وَجه أَو تتحد من وَجه وتختلف من آخر فَإِن اتّحدت من كل وَجه فَلَا محَالة أَن الْإِرَادَة الَّتِي أردناها لَيست إِلَّا وَاحِدًا مِنْهَا وَالْبَاقِي لَيْسَ إِرَادَة وَإِن اخْتلفت من كل وَجه فَلَيْسَ التكثر فِيهَا فِي صفة الْإِرَادَة لضَرُورَة أَن حَقِيقَة الْإِرَادَة لَيست إِلَّا حَقِيقَة وَاحِدَة وَإِن اخْتلفت من وَجه دون وَجه فَمَا بِهِ التكثر وَالِاخْتِلَاف حِينَئِذٍ لَا بُد أَن يكون خَارِجا عَن صفة الْإِرَادَة وَإِلَّا فَهُوَ الْقسم الاول بِعَيْنِه وَعند ذَلِك فَمَا اخْتصَّ بِكُل وَاحِد من المتكثرين إِمَّا أَن يكون اخْتِصَاصه بِهِ لذاته أَو بِاعْتِبَار مُخَصص خَارج لَا جَائِز أَن يُقَال بالاول وَإِلَّا لما وَقع الِاخْتِلَاف فِيهِ بَين أعداد الإرادات إِذْ لكل تَحت إِرَادَة وَاحِدَة وَلَا جَائِز أَن يُقَال بِالثَّانِي وَإِلَّا فالمخصص لَهُ بذلك إِمَّا أَن يكون بِالذَّاتِ اَوْ الْإِرَادَة فَإِن كَانَ بِالذَّاتِ فَهُوَ أَيْضا محَال وَإِلَّا بِمَا تخصص بِهِ اُحْدُ المتماثلين دون الآخر إِذْ لَا أَوْلَوِيَّة وَإِن كَانَ ذَلِك بالإرادة فَالْكَلَام فِي تِلْكَ الْإِرَادَة وَمَا بِهِ تميزت كَالْكَلَامِ فِي الأول وَذَلِكَ يفضى إِلَى التسلسل وَهُوَ مُمْتَنع
فَإِن قيل إِضَافَة التَّخْصِيص إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ لذاته وَإِن كَانَ مُمْتَنعا فَلَا يخفى ان الْإِرَادَة عبارَة عَمَّا يَتَأَتَّى بهَا التخصص وَإِذ ذَاك فَلَا فرق بَينهَا وَبَين مَا هُوَ قَائِم بهَا أَو بغَيْرهَا فعلى هَذَا غير مُمْتَنع أَن يُضَاف التَّخْصِيص لما يخصص بِهِ كل وَاحِد من أَقسَام الْإِرَادَة نَفسه وَيكون تَخْصِيصه لَهُ لَا لذاته بل على النَّحْو الْمَفْهُوم من تَخْصِيصه لما هُوَ خَارج عَنهُ وَعند ذَلِك فَلَيْسَ يلْزم الِاشْتِرَاك على مَا لَا يخفى بل وَيجوز أَن يكون تخصص كل وَاحِد بِمَا يخصص بِهِ مُضَافا إِلَى الآخر والتسلسل على هَذَا يكون مُنْقَطِعًا