قُلْنَا أما الأول فمما لَا يتَّجه اذ شَرط التَّخْصِيص بالإرادة أَن تكون مخصصة بالوجود وَهَذَا مِمَّا لَا يتم بِدُونِ مَا قيل إِنَّه مُمَيّز لَهَا ومخصص وَهُوَ دور مُمْتَنع وعَلى هَذَا يظْهر امْتنَاع مَا قيل بِهِ ثَانِيًا فَإِنَّهُ كَيفَ يتَصَوَّر أَن يكون كل وَاحِد من أَقسَام الْإِرَادَة مُخَصّصا للْآخر وَهُوَ إِنَّمَا يكون مُخَصّصا لغيره بعد القَوْل بتخصصه وَهُوَ أَيْضا دور محَال كَيفَ وَأَن ذَلِك يفضى إِلَى إِثْبَات صِفَات لنَفس وَاجِب الْوُجُود خَارِجَة عَنْهَا لَيست من الصِّفَات النفسية من غير دَلِيل عقلى وَلَا نَص شرعى وَهُوَ محَال وَهَذِه المحالات كلهَا إِنَّمَا لَزِمت من فرض كَون الصّفة الإرادية متكثرة
كَيفَ وَأَن الطَّرِيق الْموصل إِلَى ثُبُوت صفة الْإِرَادَة إِنَّمَا هُوَ كَون الكائنات وَذَلِكَ إِنَّمَا يدل على أَنه لَا بُد من إِرَادَة يكون بهَا التَّخْصِيص وَالْقَوْل بتعددها مِمَّا يزِيد على القَوْل الْوَاجِب من غير دَلِيل فَإِنَّهُ لَا مَانع من أَن تكون الْإِرَادَة وَاحِدَة والمتعلقات مُتعَدِّدَة وَذَلِكَ على نَحْو تعلق الشَّمْس بِمَا قابلها واستضاء بهَا فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ مُتَعَددًا لَا يُوجب تعددها فِي نَفسهَا وَإِن أوجب تعدد متعلقاتها على مَا لَا يخفى وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَب إِلَى الْإِنْصَاف والأبعد عَن الاعتساف من جِهَة أَن الْعقل قد دلّ على وجود اصل الْإِرَادَة فَالْقَوْل بنفيها تَقْصِير وَالْقَوْل بتكثرها إفراط وكل خَارج عَن حوزة الِاحْتِيَاط
ولعمري إِن من رام نفى التكثر من صفة الْإِرَادَة أَو غَيرهَا من الصِّفَات بِغَيْر مَا سلكناه لم يجد فِيهِ كلَاما محصلا
فَإِن قيل قَوْلكُم إِن مَا وَقع بِهِ التَّعَدُّد وَالِاخْتِلَاف إِن كَانَ خَارِجا عَن حَقِيقَة صفة الْإِرَادَة فَلَزِمَ إِثْبَات صِفَات للذات خَارِجا عَن اصل الْإِرَادَة فَإِنَّمَا يَسْتَقِيم أَن لَو لم يَصح التغاير بَين الذوات إِلَّا بِاعْتِبَار صِفَات وجودية وامور حَقِيقَة وَمَا الْمَانِع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute