بل اصطلاحية مُخْتَلفَة باخْتلَاف الْأَعْصَار والأمم وَلِهَذَا لَو وَقع التَّوَاضُع من أهل الِاصْطِلَاح على أَن يكون التفاهم بنقرات وزمرات لقد كَانَ ذَلِك جَائِزا ومدلولات هَذِه الْعبارَات والتقديرات حقيقى لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْأَعْصَار وَلَا باخْتلَاف الاصطلاحات بل الْمَدْلُول وَاحِد وَإِن تَغَيَّرت تِلْكَ الدلالات وَتلك المدلولات هِيَ الَّتِي يعبر عَنْهَا بالنطق النفسانى وَالْكَلَام الحقيقى وَمَا سواهُ فَلَيْسَ بحقيقى
هَذَا كُله ان قُلْنَا إِنَّه من جنس كَلَام الْبشر وَإِن نزلنَا الْكَلَام على أَنه غير مجانس لَهُ فقد سبق فِي تَحْقِيقه مَا يغنى عَن إِعَادَته
وَأما مَا أشاروا إِلَيْهِ من معنى الطَّاعَة وَتَحْقِيق الرسَالَة فتمويه لَا حَاصِل لَهُ والا للَزِمَ أَن يكون كل تسخير بِفعل شئ مَا امرا وَتَركه نهيا وَأَن يكون الانقياد إِلَى ذَلِك التسخير طَاعَة كَانَ ذَلِك فِي نَفسه عبَادَة اَوْ مَعْصِيّة وَلَا يخفى مَا فِي طى ذَلِك من الْمحَال فَإِنَّهُ لَيْسَ كل مَا يسخر بِهِ مَأْمُورا وَلَا كل مَا انْقَادَ العَبْد إِلَى فعله يكون طَاعَة على مَا لَا يخفى وَإِذا كَانَ الامر على هَذِه المثابة لم يَصح معنى التَّبْلِيغ والرسالة عَن الله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون لَهُ أَمر نهى على مَا حققناه والمنهاج الَّذِي أوضحناه
وَأما الِانْفِصَال عَن قَول الْمُعْتَزلَة إِن الْمُتَكَلّم من فعل الْكَلَام فَهُوَ ان الْوَاحِد منا لَو تكلم بِكَلَام مُفِيد فَهُوَ كَلَامه لَا محَالة وَلذَلِك يُقَال تكلم وَهُوَ مُتَكَلم وَإِذ ذَاك فَمَا جَائِز أَن تكون جِهَة نسبته إِلَيْهِ هُوَ كَونه فَاعِلا وَإِلَّا لما كَانَ متكلما من خلق الْكَلَام فِيهِ اضطرارا وَذَلِكَ كَمَا فِي حق المبرسم وكما فِي تَسْبِيح الْحَصَى وَكَلَام الذِّرَاع المسموم وَنَحْوه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute